صعلوك ولكنّه منزوع المروءة
صالح التيزاوي
قطعوا الطّريق على “حكومة التّرويكا” التي جاءت بها انتخابات ما بعد الثّورة واستعجلوا إسقاطها وكأنّها حكمت عشرات السّنين، وحمّلوها كلّ المآسي التي خلّفها حكم الإستبداد والفساد. فقلنا لا بأس لعلّهم يستعجلون تحقيق أهداف الثّورة.
اعتصموا مع منظومة الفساد التي ثار عليها الشّعب وأسقطها فاستقووا بها على الدّيمقراطيّة النّاشئة، فقلنا لا بأس لعلً فترة كتابة الدّستور طالت أكثر من اللًازم. وهم يتخوّفون من “تغوًل” محتمل.
قطعوا الطّريق على الرّئيس السّابق فقلنا لا بأس، مادام “القطع” تمّ في إطار التّنافس الدّيمقراطي والنّزيه.
أغرقوا البلاد بطوفان من الإحتجاجات والإعتصامات والإضرابات وقطع الطّرقات، فقلنا إنّهم يمارسون حقّا دستوريّا.
لكن أن يصل الأمر بيسار الزًيف الأيديولوجي إلى حدّ منع مواطن أو مواطنين من دخول مدينة هي جزء من الوطن فهذه صعلكة لا مثيل لها حتّى في عهود الجاهليّة الأولى.
من فعلوا هذا بنظرائهم في المواطنة ليسوا “يسارا” مهما تمسّحوا بشعارات اليساريًة الحقيقيّة. وإنّما هم نسخة مشوّهة من اليسار المناضل الذي جعل تناقضه الرّئيس مع بارونات المال والفساد، مع قوى الإستغلال للطًبقات الكادحة، ومع الظّالمين. لكن ما فعله نائب الجبهة من تهديد ووعيد على مرأى ومسمع من الرّأي العام ومن الدًولة لمواطن تونسي إن هو “تجرّأ ودخل مدينة سليانة”، وگأنّها “ملكيّة خاصًة لأجداده جعله يظهر أمام الشّعب التّونسي صعلوكا عاريا من المروءة، وكأنّه هارب من زمن مضى: زمن، ما دون المواطنة، وما قبل التّحضّر، لعلّه زمن “تيرانا” عندما كانت تحت حكم الرّفيق أنور خوجا.