من روابط حماية الشّيوعيّة إلى روابط حماية البورقيبيّة
صالح التيزاوي
شهدت نهاية الأسبوع المنقضي حدثين في منتهى الخطورة: أحدهما في مدينة سليانة، حيث عمدت مجموعة ممّن أعماهم الحقد الإيديولوجي وأدمنوا على تزييف التّاريخ والواقع إلى التّظاهر والإحتجاج منعا لدخول مواطن تونسي أو مواطنين تونسيين للمدينة بحجج سخيفة. قضيّة الرشّ مدانة بكلّ المقاييس وهي من أنظار القضاء. ومن كان ضدّ الرشّ قي تونس كيف له أن يكون مع البراميل المتفجًرة ومع الكيمياوي في سوريا ؟ وأمّا الثّاني فقد جدّ في مدينة المنستير، حيث عمدت مجموعة ممّن أعماهم التّعصّب الحزبي والجهوي إلى منع الرّئيس السّابق محمّد المنصف المرزوقي من الدّخول إلى إحدى الإذاعات لإجراء حوار إذاعي.
إنّ سياسة قطع الطّريق على المواطنين وعلى الجمعيات وعلى الأحزاب والنّاشطين السّياسيين التي ابتدعها الرّفاق سلوك يكشف عن فكر فاقد للأخلاق وللحرّيّة وللقيم الإسلاميّة المتسامحة، وهو لا يمتّ للسّياسة ولا للقيم المدنيّة ولا لحرّيّة التّعبير بأيّة صلة. وإنّما يكشف عن حقد وتعصّب أيديولوجي (كما في سليانة)، وعن تعصّب حزبي وجهوي (كما في المنستير). ما حدث يجب أن يلقى الإدانة المناسبة من الأحزاب ومن المنظّمات ومن الإعلام إن كان مستقلّا حقيقة.
ويجب أن يرفع الغطاء عن مثل ذلك السّلوك الهمجي مهما كان نوع الغطاء (نقابي أو حزبي) لأنّه يشكّل عدوانا على هيبة الدّولة (بالفعل موش بدقّان الحنك)، وعدوان على حرّيّة المواطنين في التّنقّل داخل وطنهم، واعتداء صارخ على قيم المواطنة وعلى وحدة الشّعب التّونسي، وهو سلوك همجيّ متخلّف يشرّع للعنف والإنخراط في مسلل العنف والرّدّ على العنف. وقد ساءني ما جاء على لسان المحلّل السّياسي لقناة نسمة حيث اعتبر ما حدث في مدينة المنستير ردّة فعل على ما قامت به روابط حماية الثّورة أيّام حكم التّرويكا حيث عمدت إلى منع اجتماع لحزب النّداء في مدينة جربة.
ما جاء على لسان السّيّد المنذر ثابت كان تبريرا لسلوك عصابة مفسدين وقطّاع طرق. وإنّه من العيب على محلّل سياسي بقناة اتّسعت لكلّ الآراء أن يتحدّث بهذا المنطق الثّأري. سليانة ليست “ستالينغراد” ولا هي مقاطعة منتدبة لاحتضان “المنفاستو الشّيوعي”. حتّى يحرّم دخولها على غير المؤمنين به. وهل على داخلها ان يستظهر لقطّاع الطًرق بكتيًب لأحد (مناظر الشّيوعيّة)، وأنّه من أنصار قوانين “الديالكتيك” التي يحاول الرّفاق إسقاطها على المجتمع التّونسي؟ كما أنّ مدينة المنستير ليست محرّمة على من اتّفقوا واختلفوا مع الرّئيس بورقيبة إبّان حكمه الإستبدادي. فهل على داخليها أن يستظهروا بصورة للرّئيس بورقيبة أو انخراط من الزّمن الغابر في إحدى الشّعب؟