مهدي لحبيب
الهجرة السرية
الهجرة السرية وقضية الحرقة لن تحلّ والظاهرة ستستفحل اكثر في ظل هذه الأوضاع العامة الرديئة، تعثر تعيشه البلاد على جميع الأصعدة، إن تحصوا مشاكل البلاد لن تحصوها… أضف إليها أداء السياسيين حكما ومعارضة أما باللامبالاة أو بالتهويل وجو المناكفات والمشاحنات بين الفرقاء، والإعلام الذي لا يبخل على الشعب بمناقشة قضايا لا تعنيه في شي، في مثل هكذا أوضاع يصبح موضوع مغادرة البلاد قضية حياة أو موت، حياة يصورها الحارق خلاصا من وضع لا خلاص له منه إلا في جنة أوروبا، أو موت يخلّصه من واقع هو أقرب للموت منه للحياة..

الحرقة ليست حكرا عن العاطلين أو المعطلين عن العمل، أعرف من حرق وهو صاحب صنعة مباشر، أو عامل بمصنع مرسم، أو أبناء ميسورين، الشباب شديد التأثر ببعضه، بل إن أطفالا دون سن الرشد تراهم يركبون قوارب الموت، لتتساءل من سرّب لهم فكرة الهجرة لعقولهم الغضّة ومن أين لهم بالمال، ولم تعد حكرا على الذكور أو العزاب بل للفتيات والمتزوجين نصيب..
عندما يقرر الشباب الحرقة وتتوفر مقوماتها المادية لا ينظر الى نتائجها، مغامرة سيخوضها كلفه الأمر ما كلفه ولو كان الثمن حياته..
فالحارق تنطلق رحلته من الساحل التونسي إلى الساحل الإيطالي، الوصول مرتبط بعوامل لا سلطان له عليها، وقد لا يصل إما بإحباط العملية من طرف حرس البحر وذلك ألطف الأقدار فيعود لبلاده للتحضير للمحاولة الثانية، وإما بحادثة غرق قد يكون سببها سوء حالة المركب أو سوء الأحوال الجوية أو اصطدام بجسم آخر ثابت أو متحرك…
نأتي الآن لحالة الوصول، من الممكن أن يقع إيقافهم من طرف السلطات الإيطالية فيقع ترحيلهم، كما من الممكن نجاحهم في الوصول بأمان لوجهتهم في إيطاليا أو فرنسا..
هنا ينطلق مشوار البحث عن المستقبل الآمن المتمثل في الحصول على الأوراق والا سيكون الضياع مصيرا حتميا…
الحقيقة نسبة كبيرة من الشباب لا يبالون بكنه المستقبل ويقتفون أثر أيسر السبل لكسب المال فيعملون في تجارة الممنوعات غير مبالين بالنتائج التي قد تصل حد القتل..
الصنف الثاني هو من سيبحث عن الأوراق إما بالحلال أو بالحرام لا يهم، هذه المسألة قد تأخذ وقتا قد يصل الى خمس سنوات أو اكثر، أو بزواج ابيض، أو تبني طفل من غير صلبه، أو الزواج بعجوز في سن والدته أو جدته، أو أن يكون ذا حظ كبير فيوقع في شراكه إحدى بنات جلدته…
من خلال ما تقدم من سيناريوهات، نسبة النجاح الكلي للحارق ضئيلة مع هذا تبقى الحرقة حلما لشباب أضاع الوطن أحلامه…
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.