صالح التيزاوي
نحتاج إلى ثورة في العقول
لقد أتاحت لنا ثورة الحرّيّة والكرامة فرصة جميلة ونادرة للتّخّلّص من صورة الإنسان البائس الذي صنعه بورقيبة وزاده نظام المخلوع بؤسا على بؤس، صورة قبيحة لا تشبه شهداء الثّورة ولا تشبه تلك الجموع الغاضبة في شتاء 2011.
إنّها صورة ذلك الإنسان الذي مازال يرى الولاء للأشخاص قبل الوطن ويجد في العبوديًة سرً سعادته، يخشى الحرّيّة كخشية الموت أو أشدّ. هل فهمت أيّها الإنسان البائس الآن لماذا يتحرّشون بالمؤسّسات الدّستوريّة؟ هل فهمت لماذا يؤجّلون الإنتخابات؟ هل فهمت لماذا يتضايقون من توزّع السّلطة التّنفيذيّة وعدم اجتماعها في يد واحدة؟ هل أدركت لماذا عملوا على ترذيل الثّورة؟ والأكثر من هذا هل أدركت لماذا يريدونك بائسا لأنّهم يحتاجون إلى عبيد وخدم ولا يريدون مواطنين.
كم هو محزن أن يزعم المسؤول الأوّل عن التّربية في ولاية سوسة أنّ إخراج التّلاميذ من محراب العلم والمعرفة وإقحامهم في تظاهرة سياسيّة أمرا عفويّا (مسألة بسيطة وساهلة على حدّ قوله) ويتمّ ذلك دون إذن من أولياء أمورهم الذين أرسلوا أبناءهم للدّراسة وليس ليستغلّوا في الدّعاية السّياسيّة والحزبيّة. هذه الممارسات التي تنتهك حرمة المدرسة وتنتهك حقوق الطّفولة وتستدعي سيرة المنظومة القديمة لا يمكن أن تجد لها مكانا في تونس الثّورة.
هناك نماذج بشريّة استثنائيّة في تضحياتها من أجل الحرّيّة والكرامة، وهناك نماذج أخرى استثنائيّة في عشقها لقيود العبوديّة واستثنائيّة حتّى في كذبها. وبقدر ما وهبتنا الثّورة اناسا ممتلئين بالقيم والرّغبة في التّغيير فإنّ نظام السّابع من نوفمبر خرّج لنا نماذج بشريّة ممتلئة بالفراغ والتّفاهة.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.