إليك يا معلّمي ..
الخال عمار جماعي
يا سيّدي وسندي
في يومك هذا -وهل كلّ الأيام طارفها وتالدها إلاّ أيامك ؟!- أجدني ألوذ بك وقد جارت الأزمان وتبدّل الوقت زفتا كما ترى ! فمن لي إلاّك -يا عَوذي- أستظلّ بظلّ محبّته فأنا لم أكبر.. نسيت ذلك سيّدي!.. لازلت ذلك الطفل الذي جاءك أواخر صيف بوعثاء الصّحراء وهندامه السّاذج وأذنيه المتوجّستين وعينيه الحادّتين وصندل الكاوتش الذي يضيق به فلم يجرؤ أن يسأل ساعتها معلّمه: “لماذا لا نذهب إلى المدرسة حفاة ؟!”.. ولا يظفر حتى اليوم بجوابٍ !!..
مازلتُ -يا شبيه النّبي!- ذلك الولد الذي لا يعرف كيف تكون الحروف مرايا وصورا وأسرار فتنة فيرى “الطاء” كناقتهم و”الميم” كعصا رعيه و”الكاف” ككلبه الأبلق و”السين” كمشط أخته.. فوهبته أجراس الحروف وجمعتها فأعطيته معنى ورتّبتها ففتقت له لسانا عربيّا مبينا !
يا سيّدي ومولاي
في يومك هذا -وقد انتبه إليك النّاس وما غفلت عنك يوما!- أعوذ بك من “بعض بعضهم” ليسوا مثلك أيها الطاهر الأنقى، يأكلون السّحت ويسترزقون ويدخلون في الدّرس كلاما ليس منه! ألوذ بك من برامج مركّبة لا يفهمها أهل المناطق البعيدة عن البحر ومعارف لا تعترف باللّغة وفتنتها ولا يعنيها إلاّ “اربط بسهم”! أتذكر جملتك البليغة تقولها لنا مزهوّا فنقتنع: “العلم في الراس وليس في الكرّاس”؟!.. فنفكّر ! أليس العلم في رؤوسنا الصغيرة ؟!
يا سيّدي وحبيبي
في يومك هذا -وليست كلّ الأيام متشابهة ولا النّاس!- أعترف أمام الله وتلاميذي أنّي مدين لك بكلّ شيء.. بتشكّل الطّين واستوائه عقلا، باللسان واستقامته قولا وبيانا، بالذّوق ورقيّه احساسا.. بكلّ ما أنا فيه من معارف فتحت لي أنت -جلّ مقامك!- خزائنها وفضضت بصبر أبٍ أختامها!..
كلّ الحبّ “سيدي المعلّم” لك ورفعة المقام.. فأنا أذلّ ما يكون أمامك.. أولست من علّمتني!! ؟..
محمد بن خالد
“الخال”