السبت 28 يونيو 2025
صالح التيزاوي
صالح التيزاوي

سيف الإعلام المسلول أم قلمه المأجور ؟

صالح التيزاوي
قالت ودون خجل، العام الماضي بمناسبة زيارة المستشارة الألمانيّة إلى بلادنا بأنّ الأخيرة لا تفهم “في السّياسة”، كان تعليقا صادما لانّ المستشارة زارت بلادنا بدعوة من الدّولة التّونسيّة، ولأنّ الدّولة الألمانيّة كانت أكثر الدّول الأروبّيّة تفهّما للثّورة التّونسيّة، وأكثرها مساعدة لتونس.
ثمّ إذا كانت المراة التي تقود أعظم دول العالم من حيث القوّة الإقتصاديّة والتّقدّم العلمي والتّقني، والميراث الفلسفي، ووفرة المصانع، وحرّيّة الإعلام، والرّفاه الإجتماعي، والحقوق والحرّيات، لا تفهم في السّياسة فمن تراه يفهم فيها؟ لو حكمنا في عالمنا العربي أمثالها لكنّا بلا شكّ أفضل ممّا نحن عليه الآن. ياليت بلداننا، يصعد لحكمها من يملكون عشر ذكائها وقدراتها. ها هو الشّعب الألماني يجدّد ثقته في المستشارة للمرّة الرّابعة، لست أدري بماذا ستعلّق سليلة الإعلام النّوفمبري وصاحبة الرّأي المخجل؟ هل ستتّهم هذه المرّة الشّعب الألماني في وعيه؟
هذه المواقف وغيرها تعبّر عن واقع الإعلام في تونس. إعلام يرفض أن يصلح نفسه بنفسه ويرفض الإستجابة لمحاولات الإصلاح ومواكبة التّحوّلات التي يمرّ بها المجتمع التّونسي، من مجتمع كان محكوما بهيمنة الحزب الواحد والرّأي الواحد إلى واقع مجتمعي يتميّز بالتّعدّد والتّنوّع، حيث تصبح الحاجة ماسّة إلى إعلام مستقل حقيقة ومهني يغنينا عن فضائيات كنّا نلجأ إليها لفهم حقيقة ما يجري في بلادنا، عندما حوّل عبد الوهاب عبد الله وسائل الإعلام لخدمة “صانع التّغيير” وجعل منها أبواق دعاية نوفمبريّة بائسة هدفها الأوحد: تلميع صورة المخلوع، وتشويه معارضيه، وتزييف الواقع، وإنتاج فكرة المناشدة و”تطوير” المناشدة، بدلا عن تطوير الإعلام وتطوير المجتمع.
فهل كان عبد الوهاب عبد الله مدجّن الإعلام يفهم في السّياسة والإعلام أكثر من المستشارة الألمانيّة؟ رغم هذه الرّداءة التي تكتنف إعلامنا، يحلو لأحدهم أن يخلع على نفسه لقبا ما سبقه إليه جهابذة الإعلام “سيف الإعلام المسلول”. ربّما هو كذلك، ولكنّه مسلول على من ؟ لا شكّ أنّه مسلول على الثّورة بأمر من “الغرف المظلمة”، ومسلول على الحرّيّة باسم الحرّيّة و مسلول على المجتمع تزييفا لوعيه وكسرا لإرادته واغتيالا لأحلامه، تماما كما كان زمن الدّعاية النّوفمبريّة لأنّه سيف مدفوع الأجر… هكذا كان… وهكذا سيبقى ولا يمكن أن ننتظر من أمثاله دورا أفضل.

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل

اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

صالح التيزاوي

هل هي ليلة بدء الحساب؟

صالح التيزاوي  لقد سبق للكيان منذ عام 48 أن واجه أنظمة عربية ولكن لم يسبق …

صالح التيزاوي

الأمّة الصّائمة و الصّامتة

صالح التيزاوي  يقول الأمريكان وبعض حلفائهم، إنّهم يبحثون إنشاء ميناء بحري في غزّة لإغاثة أهلها …

اترك تعليق