يوميّات حاج تونسي (9)
إسماعيل بوسروال
موسم الحج 1438 هجري /2017 ميلادي
شوارع مكة المكرمة تحتاج إلى رؤية هندسية جديدة
ان الاراء التي ابديها في هذا المقال لا تتعلق بالشان الداخلي السعودي فتلك مسائل تعني اهل البلد وهم ادرى بشؤونهم ولكن ما اتطرق اليه في هذه التدوينة يمس عامة المسلمين الذين يقصدون البقاع المقدسة وخاصة مكة المكرمة وساقتصر على ثلاث ملاحظات جوهرية.
1. خنق الحرم المكي بالفنادق
اصبح الحرم المكي اليوم لا يرى الا عند الاقتراب منه… لقد احاطت به فنادق شاهقة تتكون من 20 طابقا في حين بقي ارتفاع الحرم المكي في حدود 3 طوابق… وهذه رؤية هندسية خاطئة لم تراع الابعاد المعنوية الاعتبارية التي تتطلب “تثمين” المشهد الديني وابرازه لدى الزائر حتى تتم الاستجابة للاشواق والروحانيات التي تحرك المسلمين لشد الرحال الى بيت الله الحرام.
كان على المخططين والمهندسين والاداريين والسياسيين ان يستحضروا (الصورة المثلى) للحرم المكي بان يكون بارزا واضحا لا مغمورا وراء ناطحات سحاب كما تظهره الصورة المرافقة.
2. لا تتوفر مداخل متعددة للوصول الى الحرم المكي
وقد عددتها وهي 4:
• عبر النفق ويتم استخدامه للقادمين عبر الحافلات من فنادق بعيدة نسبيا.
• عبر شارع اجياد مكة
• عبر شارع ابراهيم الخليل
• عبر شارع الغزة
وكان من الممكن ان تكون الساحة مفتوحة على كل الشوارع لو انتهجوا نفس الاسلوب الهندسي في للمديتة المنورة حيث يمثل المسجد النبوي الشريف تحفة فنية رائعة محكمة الرؤية الاستشرافية (عدد المداخل 39).
3. شوارع مكة المكرمة تحتاج الى رؤية بيئية جديدة
شوارع مكة المكرمة لها طرقات غير متقنة وغير محكمة حيث تكثر الحفر والمطبات… اما الارصفة فهي غير مهيأة كما ينبغي، هذا خلافا للمدينة المنورة حيث الطرقات جيدة والارصفة حسنة والنظافة ظاهرة… مما يدل على ان الفارق يعود الى (الجهد المحلي والبلدي).
كنت اتصور ان شوارع مكة المكرمة ارقى من شوارع باريس التي يتم تنظيفها بحنفيات المياه المثبتة على الارصفة حيث تداعب المياه الاسفلت المنحوت وفق اتجاهات مليمترية ليبتلع تحت الارض.
كما ان على مشارف الحرم المكي محطات حافلات ولكنها غير مغطاة في حرارة 50 درجة ولا تتوفر فيها مقاعد او ظلال للمسافرين (ولو مدة قصيرة) كما لا يوجد بها بيوت حمام… اما الحافلات فهي ذات محركات الديزل تنفث الدخان وتزيد الجو حرارة… ولا ادري ما الحكمة من استخدام حافلات لا تتوفر فيها مواصفات بيئية.
الخلاصة :
اتمنى ان تكون شوارع مكة المكرمة اكثر اتقانا وجمالا ونظافة من شوارع باريس… ليتمتع الحجيج سياحيا كما يتمتعون روحيا… تتوفر جميع العوامل والظروف لتحقيق الامل… واتصور ان القيادات السعودية لا تخفى عليها ملاحظات يبديها حجيج البلاد الاسلامية.