منذر ونيسي
تونس وطن للجميع فمن غير المقبول أن ينفرد شق من الناس بحكمه ويقصي الآخرين ويمنعهم من المشاركة في القرار السياسي وليس من المعقول أن يعيش الآخر في خوف وتوجس دائمين يمنعانه من خدمة الناس والتقدم نحو الصدارة بكل ثقة في النفس ويرضى بمراتب دون حجمه وقيمته…
هؤلاء والآخرون كلهم مخطئون فأجداد هؤلاء وأجداد الآخرين حاربوا الإستعمار الفرنسي موحدين تحت راية الجهاد وبنوا الدولة الحديثة المدنية موحدين ثم جاء الإستبداد فأفسد كل شيء وقسم التونسين وظلم وأظلم…
ثم جاءت الثورة ورفعت الضيم وأعطت الفرصة للمظلومين والظالمين على حد السواء للرجوع إلى توافقات الأجداد لذلك من غير المعقول أن نرجع إلى ثقافة الإستبداد والإقصاء والتآمر التي لن تثمر شيئا غير الإنقسام مجددا والإحتراب ولا أظن عاقلا يقبل بهذا…
سياسة التوافق الحالية هي الخيار الذي إهتدى إليه العقل التونسي ولكنه لم يتجاوز رجلين هفت نفسيهما إليه ولا ندري له مستقبلا بعدهما إلا إذا عملنا على تنزيله إلى عموم الناس…
ما نشهده الآن من توتير للوضع السياسي ومكر بالليل والنهار لكسر هذا التوافق خطير بكل المعايير والتجرؤ الوقح على الدولة الذي نراه من الأعلى إلى الأسفل سيدمر هذه التجربة ويحيل البلد خرابا صفصفا…
التجرؤ على الدولة والشعب يبدأ بتعيين وزراء ومسؤولين غير أكفاء لم يعطوا هذا الشعب غير الرداءة قبل وبعد الثورة.. كثير ممن ثاروا على بن علي يرون بلدهم الآن يحكمه أناس لا شعلة فيهم… أنظروا إلى الوزراء واحدا بعد آخر وإلى الولاة والمعتمدين والمديرين العامين… رسكلة لوزراء الإستبداد وتقديم لهواة مفلسين…
جلهم مفلسون إلا ما رحم ربي…
التجرؤ على الدولة تمارسه المركزية النقابية بكل توحش وصلف وخطيئة ويمارسه شق من الشعب بالكسل والعجز والإستكانة والتردد…
شعبنا يستحق قيادة أفضل ووزراء أفضل وولاة أفضل ونقابة أفضل ونخبة أفضل…
شعبنا قَبِل التوافق وما نتح عنه من إستقرار وأمن وحرية وحَرِي بمن رفع لواء التوافق أن يعمل على إنجاحه بتقوية حلف الشجعان وتفويت الفرصة على الإستئصاليين والمخربين والقطع نهائيا مع ثقافة الخوف والتقزيم والتشكيك…
التوافق خيار الشجعان والشجعان ديدنهم الشرف والوفاء والعفة والتعفف والوطنية الصادقة…
التوافق لا يمكن أن يعيش ويدوم إلا إذا إقتنع به الجميع قادة وقاعدة وإقتنع به الشعب الذي لا يزال ينتظر النتائج الاقتصادية والإجتماعية بعد النجاح السياسي المقبول…
لن ينجح التوافق إلا إذا كان بين أكفاء صادقين وبعيدا عن الأنانية وترصد الفرص…
تونس تجاوزت العواصف وستنتصر ولا رجوع مطلقا للإستبداد لأنه ببساطة سيرمي البلاد في الظلام الذي ثارت ضده ونجحت في كسره…
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.