الأحد 29 يونيو 2025
صالح التيزاوي
صالح التيزاوي

من صعيد عرفات: الإعلان عن عبادة جديدة

صالح التيزاوي
اعتبر الإمام الخطيب في خطبة عرفة لهذا العام وهو (يؤمّ حوالي مليوني حاج أو أكثر) أنّ طاعة الحكّام من أشكال التّقرّب إلى الله. فهل أضافت المدرسة الوهّابيّة عبادة جديدة للإسلام ؟
هل هذا هو “التّجديد” الذي قدرت عليه المدرسة الوهّابيّة وهي التي عرفت بمناهضة كلّ تجديد في الدّين بحجّة أنّه بدعة. ام أنّ البدعة التي تخدم “وليّ الأمر” لا تعدّ كذلك. لم نسمع فيما قال الأوّلون والآخرون من علماء الأمّة وليس من علماء الملوك والسّلاطين أنّ الإذعان للحاكم من الطّاعات التي تقرّب إلى الله. قرأنا في كتاب الله أنّ طاعة الحاكم مشروطة بطاعة الله ورسوله، وإقامة العدل في النّاس، ورعاية مصالحهم، وأن يصعد إلى الحكم بإرادة النّاس. أمّا إذا (لعب بذيله) وجار على حقوق النّاس وأقام سلطانه عل سفك الدّماء وفرّط في ثروات البلاد لأعدائها فإنّ “طاعته” في هذه الحالة تصبح معصية لأنّ الإسلام لا يبيح السّكوت على الظّلم.
رحم الله الفاروق عمر بن الخطّاب القائل: “رحم الله رجلا أهدى إليّ عيوبي” وقال: “إن رأيتم في اعوجاجا فقوّموني”. فما بال “فقهاء السّلاطين” عميت أعينهم عن جرائم حكّامهم وطفقوا “يحرّفون الكلم عن مواضعه”. وبمنطق يغلب عليه النّفاق والطّمع، تصبح الثّورات العربيّة على فساد الحكّام “معصية للّه”، ومطالب الحرّيّة والعدل وحقّ الشّعب في ريع ثرواته ومراقبة حكّامه “بدعة”. وربّما عدّها شيوخ السلفيّة الوهّابية كبيرة من الكبائر تستدعي قطع الرّقاب.
خطيب عرفة يحثّ الشّعوب العربيّة على “التّقرّب إلى اللّه بطاعة الحاكم” حتّى وإن خان، حتّى “وإن باع الأوطان”، حتّى وإن قطع الأرحام في شهر رمضان، حتّى وإن سفك دماء المسلمين في اليمن. حتّى وإن حرّض على حصار غزّة، قال ذلك في ذات المكان الذي وقف فيه رسول الإسلام في خطبة الوداع ليعلن قداسة النّفس البشريّة “إنّ دماءكم واموالكم وأعراضكم حرام
عليكم”. فهل الحكّام الذين استباحوا قتل المسلمين ونهبوا ثرواتهم وفرّطوا فيها للغزاة والأعداء مقابل حمايتهم من شعوبهم، يستحقّون الطّاعة أم الثّورة؟ وهل أوصل الأمّة إلى ماهي عليه من الهوان إلّا حكّامها. فكيف يكافؤون بالإذعان؟


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

صالح التيزاوي

هل هي ليلة بدء الحساب؟

صالح التيزاوي  لقد سبق للكيان منذ عام 48 أن واجه أنظمة عربية ولكن لم يسبق …

صالح التيزاوي

الأمّة الصّائمة و الصّامتة

صالح التيزاوي  يقول الأمريكان وبعض حلفائهم، إنّهم يبحثون إنشاء ميناء بحري في غزّة لإغاثة أهلها …

اترك تعليق