“جماعة النّمط” آفة محيطة “متاع” حداثة
صالح التيزاوي
ما إن يمدّ أحدهم وجهه أمام الكامرا حتّى يخرج أضغانا على الإسلام والمسلمين تنوء بحملها الجبال وحملتها صدورهم. ويشرع في سرديات أقرب إلى العهر والدّعارة الفكريّة منها إلى المعرفة والتّحاليل الموضوعيّة الهادئة والرّصينة في قضايا تهمّ المجتمع. مهما كان الموضوع الذي دعوا إلى الحديث فيه ومهما كان الظرف مناسبا أو غير مناسب، فإنّهم لا يفوّتون فرصة لإلحاق الأذى بالغالبيّة العظمى من الشّعب التّونسبي، لا لشيء إلّا لأنّهم يحيون شعائر الإسلام كما تحيي كلّ أمّة على وجه الأرض شعائرها. ما تركوا مناسبة من المناسبات الإسلاميّة إلّا وأخرجوا من دواخلهم شتّى اشكال الإزدراء والعدوانيّة كما لم يفعل ابوجهل وابو لهب وحمّالة الحطب وآكلة كبد حمزة من قبل.
واللّه (الواحد يحتار في أمر ها الجماعة) لماذا كلّ هذه الكراهية المقترنة بـ “جهلوت” يرتدي لباس “الثّقفوت”؟ مع أنّ المجتمع والدّولة والدّستور والثّورة والإنس والجنّ قد سلّموا لهم بحقّهم في حرّية الضمير والتّعبير ولكن (دون وقاحة وقلّة حياء). وقبل هؤلاء جميعا فإنّ خالق البشر أعطاهم حرّية الإختيار بين الإيمان والكفر “فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ” وأعجب العجب في هؤلاء أنّهم يقدّمون أنفسهم مرّة على أنّهم “حداثيون” وكأنّ الحداثة تنزّلت عليهم وحدهم وأخطات باقي التّوانسة. ومرّة أخرى يقدّمون أنفسهم على أنّهم “أنصار التّطور”.
كلّ ذلك حتّى يسهّلوا على النّاس هضم “سماجاتهم” لعلمهم أنّها ينطوي على “قلّة حياء” و”وقاحة” صادمتين. لذا فإنّهم يعمدون إلى تغليفها لعلّهم يدركون بالقبح ما لم يدركه الإحتلال بسطوته العسكريّة عندما تصبح أضحية المسلمين “قتلا بربريّا”، وعندما تصبح صلاة الاستسقاء “سطوا على مكتسبات العلم في مجال الرّصد الجوّي”، وعندما تقيّم المناهج التّربويّة بحسب حجم المساحة الزّمنيّة المخصّصة للرّقص وليس على اساس تنمية الملكات النّقديّة، وعندما يصبح الحجّ هدرا للمال العام وللعملة الصّعبة، وعندما يعلّق احدهم على نظام الأحباس والأوقاف بقوله “الله يحبّس علينا العقل والدّين”، قالها من باب السّخرية. وعندما يصبح الأذان “تلويثا” للسّمع، وعندما يصبح نظام المواريث كما أبدعه الخالق “غير عادل”، وعندما تصبح مدارس تحفيظ القرآن الكريم “أوكارا” لتربية النّاشئة على الكراهية والعنف وثقافة الموت، فاعلم علم اليقين أنّك في حضرة من تربطهم بالحداثة حبال من الكذب، وأنّك في حضرة من يتقنون أحاديث الإفك على الحداثة وعلى هويّة المجتمع وتقاليده، وانّك في حضرة من لا يستحي لا من اللّه ولا من عباده. وأعجب العجب أنّ هؤلاء في موقع الصّدارة من المجتمع، يحدّدون له مناهج تربيته وتعليمه، ويشكّلون له أفكاره واذواقه، ويحدّدون له ميولاته الفنّية، حتّى يفقد مناعة المقاومة لـ “حداثتهم القاتلة”.