“هي تْشْخُرْ زادتْ بِفْ”
فوزي الطلحاوي
مازال العقل الباجي يدور في فلكه الضيّق ومتمترسا بصراعه “الثقافوي الهووي” في تعاطيه السياسي مع خصومه، وخاصة خصمه اللدود وشريكه في الحكم حركة النهضة، جاعلا من تونس “لعبة “خربقة” ولا اظنها لعبة شطرنج، في الوقت الذي ازدادت فيه الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة حدّة، وأضحت الأسر التونسيّة في معظمها تعيش حالة من الفقر والتداين بسبب تراجع مداخيلها وبسبب تزامن المناسبات الدينية والوطنية والترفيهية،
في هذه الأثناء انتظرت المرأة التونسية إجابات واضحة من لدن رئيس الجمهورية حول وضعها الاجتماعي والحقوقي وحول مستقبلها بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة في الثالث عشر من اوت الجاري، وعوض إجراءات عملية تساعدها على تحمّل أعباء زواجها، راح سيادته يسهّل لها زواجها بأجنبيّ، مستبطنا عدم أهليّة شبابنا للزواج بها، وعوض البحث عن حلول للمساواة في الكسب والبحث عن موارد إضافية وجديدة للدخل، ولعلّ أوّلها التشغيل والتشجيع على الاستثمار وبعث المشاريع بسنّ قوانين جديدة او تعديل القوانين السارية تعطي الأولوية للمرأة فيها، رمى كرة في جسم السّلم الاجتماعيّة والثقافيّة بطرحه قضيّة المساواة في الإرث، ظنّا منه أنّه بمثل ذلك السلوك غير المحسوب والأرعن أنّه سيحرج خصمه السياسي، ولكن وبما أنّ “القاريه الذيب حافظه السلوقي” لم يكلّف الشيخ راشد الغنوشي نفسه عناء الردّ عليه، ولم يقطع حتى جولته الخارجية والعودة إلى تونس، ولعلّه يقول بينه وبين نفسه “ما هكذا تورد الإبل يا شيخ الباجي؛ فقد حان لأبي حنيفة أن يمدّ رجليه” وبما أنّ الرسالة مقروءة فقد جاء “Le mot d’ordre” بألّا يُردّ على سيادة رئيس الجمهورية وأن تمرّر رسالته إلى المُرسَلِ إليه (destinaire) الحقيقيّ ألا وهو الشعب التونسي المسلم وهيئاته ومؤسساته الدينية والثقافية والاجتماعية لتقول فيها كلمتها.
إنّ ما يؤسف عليه حقّا ان تستحيل قضايا شعبنا وملفات شبابنا الحارقة لعبة “قذرة” عند أشباه سياسيين استحوذ اغلبهم على دهاليز قصر قرطاج وعلى وجدان رئيس جمهوريتنا، وبما أنّ “فاقد الشيء لا يعطيه”، فقد تمخّض جبل قصر قرطاج فأنجب فأرا، وعوض مساءلة الحكومة ودعمها في دفع الاستثمار ومحاربة الفساد والبحث عن أسواق تشغيلية داخلية وخارجية حوّل مستشارو رئيس الجمهورية القصر الرئاسي ملعبا للمهاترات السياسيّة والمناكفات الثقافوية الرخيصة وأحرجوا رئيس الجمهورية وموقعه الرمزي حرجا بالغا أمام شعبه وأخرجوه “رئيسا قزما” لفئة من التونسيين لا رئيسا لجميع التونسيين والتونسيات، ستعود بالوبال عليهم، وما تأكيده على تثبيت موعد الانتخابات البلدية وتحميله جميع الأطراف المعنيّة بها مسؤولياتهم إلا رد الفعل الأوليّ على فشل مناوراتهم السياسية الفشل الذريع، وستتوالى تداعيات فشل تلك المبادرات على الحزب الحاكم وعلى المستشارين وعلى كثير من اللوبيات المحيطة برئاسة الجمهوريّة.
ختاما، على جميع الأطراف: رئاسة جمهورية، مجلس نواب الشعب، حكومة، منظمات وطنية ومجتمع مدني تحمّل مسؤولياتهم التاريخية امام شعب وهب لنا شبابه نسائم من الحريّة لم نكن نتوقّع هبوبها، فما هكذا يسوسونه وما هكذا يكافئونه !!!