عبد القادر عبار
التّسْعيرُ النّفْسِي هو فخّ تعتمده معظم الشركات العالمية لتسويق منتجاتها، والذي يستهدف الجانب اللّاشعوري للمستهلك، حيث يتم وضع الرقم (9) في نهاية أسعار كل منتجاتها لتظهر في مخيّلة المستهلك الأبله أنها أرخص من السعر العادي.
وقد اقتبس بعض الساسة الدهاة فخّ التسعير النفسي لتسويق أنفسهم وتثبيت إقامتهم وتمديد جلوسهم على الكرسي فترة أطول.. كلٌّ على شاكلته.
والضجّة “الباجيّة” الأخيرة التي أحدثتها بالونات التشريع النسوي في احتفال ما يسمّى بعيد المرأة لا تخرج عن هذا السياق.
كما أن الضجة “الباجيّة” تذكرني بما كان يفعله “فولتير” المفكر الفرنسي الشهير.. فقد كان كلما أراد أن يخرج كتابا جديدا للناس.. تتولى ماكينة إعلامه إطلاق إشاعة أن فولتير قد مات.. فيصبح الناس يتلهفون على تراثه واقتناء كل مؤلفاته.
وصاحب الضجّة.. حسب المصطلح القرآني قد بلغ مرحلة أرذل العمر، وهي حالة طبيعية قدّرها الخالق سبحانه وتعالى، يمرّ بها الإنسان ليتنبّه لمصيره قبل فوات الأوان، قال الله تعالى: “وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ” أخبر المولى سبحانه أن من طال عمره تنكّس في خلقه أي: انقلب حاله، وارتدت قواه، وتراجعت قدراته متجهة نحو الضعف والوهن، وصار كمن انتكس وانقلب رأسًا على عقب، ويكشف هذا الوصف الدقيق، العلم بحالة عامة من التدهْور والارتداد تتسع لتشمل كافة التغيرات الظاهرة والخفية ومن أهم ملامح التدهور إصابة المخ وتناقص المهارات العقلية والكفاءات الذهنية والعلم بالذات والموجودات.
والرجل في هذه الحالة يحسّ بأنه رقم مهمل، وليس له تأثير وأنه مصنّف ضمن سقط متاع البيت إن كان أبا لعائلة، أو ضمن أرشيف الوطن في حالة السياسي.. اذن فلا بد من افتعال ضجة تجلب الانتباه وتؤثر على الجانب اللاشعوري وتوهم الناس بان الرجل مازال حيّا وعنده ما يقول.. وهنا يلجأ الى فخ التسعير النفسي فيغتنم عيد المرأة.. -والنساء يغرّهنّ الثناء- فيلعب على جانب التشريع المرغوب أكثر لديهن في عقدة المال والجنس.. فيرفع عقيرته بالتسوية في الميراث وحق الزواج بـ “القاوري” والأجنبي عموما.. وتنطلي عليهن التسعيرة الجديدة.. فيزغردن انتصارا وابتهاجا.. ولكنها فرحة لن تطول.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.