تدوينات تونسيةمقالات

فاضل عبد الكافي والحقائق المفزعة

عبد اللّطيف درباله 

فاضل عبد الكافي.. وزير الاستثمار والتعاون الدولي.. ووزير المالية بالنيابة.. اهتمّ الإعلام بمداخلته البارحة في مجلس النواب.. وكذلك عديد المواقع الالكترونية وصفحات الفايسبوك.. وأخذوا يمرّرون بكثافة فيديو كلمته التي يبدو أنّه يردّ فيها كما قيل على النائبة سامية عبّو.. القياديّة في حزب التيّار الديمقراطي.. فانتقد اتّهاماتها وطالب بالبعد عن التشنّج وتفهّم عمل الوزراء وحقائق الواقع.. مدافعا عن نفسه.. قائلا أنّ أسهل شيء هو “قلّة الحياء”..!!!

أناس انبهروا وأعجبوا بردّ الوزير على سامية عبّو..
وأناس انبهروا وأعجبوا بمداخلة واتّهامات سامية عبّو..
لكنّ قلّة توقّفت بتأنّ وتركيز عند الحقائق المفزعة بعيدا عن حبّ الفرجة وتشجيع مقابلة “المصارعة”..!!!
وزير الماليّة قال بمنتهى الصراحة والوضوح أنّ الدولة التونسيّة اليوم هي شبه مفلسة عمليّا..!!
وأنّه لا توجد أموال كافية بخزينة الدولة لخلاص الأجور للموظّفين ليس بعد أشهر بل الآن..!!
وأنّ تونس أصبحت تحصل على القروض ليس فقط للاستثمار والتنمية والبنية التحتية وتمويل المشاريع والمنجزات.. وإنّما أيضا لخلاص الأجور..!!
وأنّ نسبة التداين بلغت رقما غير مسبوق هو 74 بالمائة..!!
وأنّ تونس أصبحت فعليّا تحت رحمة وشروط ووصاية صندوق النقد الدولي باعتباره الجهة المقرضة الرئيسيّة الوحيدة لبلد لم يعد قادرا على العيش والاستمرار بدون قروض..!!
وأنّ اقتصاد تونس لم يعد يقوم على خلق الثروات والاستثمار وإدارة الأموال والأعمال وإنّما أصبح يعيش على القروض والسلفات..!!
وأنّ الوضع المالي الحالي في تونس لم يحدث حتّى في أيّام بورقيبة وبن علي وبعد الثورة..
وأنّ بلادنا بلغ من تأزّم وضعيّتها الماليّة وتدهور حالها أن أصبحت تعيش “اليوم بيومه” وتدار ماليّتها على طريقة “العطّار” الذي يتفقّد كلّ يوم ما يوجد في “الكاسة” ليتصرّف بحسب ما عنده..!!
وأنّ تونس أصبحت بعيدة عن القدرة على التخطيط بعيد المدى وإدارة التوازنات المالية الكبرى على فترات زمنية متباعدة مستقبلا.. لأنّ انخرام ميزان المداخيل والمصاريف جعلها تبحث فقط عن حلول ترقيعيّة لسدّ فجوات الدفع المالي ليس أكثر..
وغيره الكثير ممّا يمكن استنتاجه من تلك المداخلة الوجيزة..!!!
كلّ ذلك والإعلام والسياسيّون والناس منقسمون بين فاضل عبد الكافي وبين سامية عبّو.. ومن منهما الأقوى والأفضل.. وكأنّ النائبة والوزير يتخاصمان على الوضع في بلاد “الواق واق” وليس تونس..!!!
بقي أن نسأل السيد فاضل عبد الكافي مادام قال أنّ “قلّة الحياء” ليس هناك ما هو أسهل منها.. وأنّ الجميع قادر على فعلها..
.. نسأله.. هل أنّ ما فعله رئيس الجمهوريّة الباجي قايد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد اللذان تحدّثا طوال الأشهر الأخيرة عن بداية تعافي الاقتصاد التونسي وعن صعود جميع المؤشّرات الاقتصادية إيجابيّا.. وعن نسبة نموّ قاربت 2%.. وعن تعافي الوضع المالي.. وعن تحسّن السياحة والفلاحة والاستثمار الأجنبي.. وعن إنجازات الحكومة.. في حين أنّ الوضع غاية في السوء بل وكارثيّ بالدّرجة التي صوّرها رسميّا وزير الاستثمار ووزير الماليّة في نفس الوقت في جلسة رسميّة بمجلس نواب الشعب أمام كامل الشعب التونسي أمام التلفاز..
هل يعتبر السيد الوزير ما فعله وقاله السبسي والشاهد يدخل في “قلّة الحياء” كما يعرفها وعرّفها أم لا؟؟
أمّا إذا كان كلام الوزير عبد الكافي غير صحيح وكلام رئيسي الجمهورية والحكومة هو الحقيقي.. فقد عرفنا من سيكون مرتكبا لـ”قلّة الحياء”..!!!
ولو أنّ الوضع الذي نعرفه للبلاد الآن.. يعطي لكلام الفاضل عبد الكافي المصداقيّة في توصيف الوضع الاقتصادي والمالي..!!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock