مقالات

قطر حسم الأمر وكبت الغر

أبو يعرب المرزوقي
ليس من عادتي الاستعجال في الحكم على الاحداث بل أنتظر نضوجها حتى يكون حديثي عليها هو بدوره حدثا: الآن استطيع القول إن قطر انتصرت نهائيا. فمن كان يعطل نصرها الذي وفرت له كل الشروط الدبلوماسية في الحال واسانيد الدبلوماسية بقاعدة الأنفال 60 هو تنمر ترومب. وقد جاء ما يسكته ويلهيه. وعلى الرابوع المؤلف من رأسين وذيلين أن ييأس من لوبي البيت الأبيض بعد الآن: فضيحة ابن ترومب قد تأتي على عرش أبيه في أمريكا وخطره كخطر اللاعب بعرش جده في السعودية. لا أحد بعد اليوم في البيت الأبيض بقي له من الوقت والعناية للمناورة في مسألة قطر: سيترك الأمر كله للإدارتين الدبلوماسية والدفاعية في أمريكا وعملهما أقل عبثية.
لكني مع سعادتي بالنتيجة بالنسبة إلى قطر وحتى تركيا في المدى البعيد فإني ما كنت أتمنى أن ينحط العرب إلى الحد فيصح عليهم الاحتكام إلى الـأعداء الذين لا يريدون الخير لأي منهم. لكني كذلك لا أستطيع أن ألوم قطر وتركيا إذ يعملان بمقتضى شروط الوضع الدولي. فلا قطر ولا تركيا بالقوتين العظميين ومن الواقعية والحكمة ألا ينسيا ذلك. وحذار ثم حذار من توهم إيران أو حتى إسرائيل أو الاعتماد عليهما. فهما ليستا مطلقتي اليدين لذاتهما بل لأنهما يؤديان دورا في تسهيل الأمر لما تسعى إليه أمريكا والغرب عامة. فما يسعيان إليه وهو أمر بت متأكدا منه يواصل ما فعلوه للإطاحة بالمنافس التاريخي الأطول عمرا: استئناف دولة الإسلام التي تقودها سنة الإقليم.
فهذا التاريخ نرى بالعين المجردة أنهم لا يريدون نسيانه ويعملون كل ما يستطيعون لمنع عودته أو عودة ما يمكن أن يكون أخطر ونراه حول المتوسط، تاريخ طويل بدأ بدولة الأسلام العربية وانتهى بدولته التركية. وكل تقارب بين البداية والغاية القديمتين هو فرصة استئناف لنهاية وبداية جديدتين. فأما النهاية الجديدة فهي نهاية ما كانت عليه شعوب الإقليم قبل الإسلام مرة ثانية وأما البداية الجديدة فيه بداية ما أصبحوا عليه بفضل الإسلام، صحيح أن ما يجري شديد التعثر. لكنه يجري وتياره يزداد قوة وزخما: أرادوا فصل الإقليم التركي عن الإقليم العربي فشاءت الاقدار دخول الأتراك للخليج وشاءت الاقدار أن يمكر الله مكره الخير فيصبح العرب كلهم من الماء إلى الماء في الهم سواء: لم يعد ممولو الثورة المضادة قادرين على إسكات شعوبهم فقد نفد الرز. كلما سلبهم حفاتر العرب والسيسي وحفتر الغرب (ترومب) وكل مافيات الإعلام والإشهار واللوبيات لتبييض وجوههم السوداء التي لا يبيضها كل جفال (الكلور) العالم وكلما جوعوا شعوبهم ثوروهم فضلا عما يبذره أمراؤهم ويستبدون به من قوت الشعب.
الربيع لن يبقى مجرد ميل قلبي فدوافعه صارت حقيقة ماثلة في الأقليم كله ومن ثم فالألسن ستحل عقدتها وإذا لم يسارعوا فيتداركوا الأمر فالثورة ستصل إلى اليد بداية بالتمرد على الاستبداد والفساد وظلم العباد والعبث بمستقبل البلاد.
وختاما فمهما تآمر الأعداء على الأمة الموعودة بالشهادة على العالمين كل الأحداث في عمقها هي لصالح ثورة شبابها. ولقطر وتركيا فضل كبير عليها. وما الفضل إلا من عند الله: فهو سخر أمير قطر و”أمير” تركيا حتى يكونا أداتي القدر في مساعدة الشباب بالاعلام واللجوء وحتى المال. فشكرا باسمهم رغم أني لست ناطقا عنهم بديلا منهم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock