حمة وجهه “نظيّف” ولكنّه يساري رادكالي
وجه “نظيّف” ومظهر أنيق جعلا حمة يضرب الصورة النّمطية للمناضل اليساري الفوضوي في مظهره كما في أفكاره بهذه “الدخلة” استقبل سفيان ضيفه “حمة” على قناة نسمة التي جاءها للردّ على اتهامات له بشبهة فساد في حملته للإنتخابات الرئاسية. يبدو أن زعيم الجبهة أعجبه الإطراء، والدخلة فذكّر بما كان من تعليق الناس على أول ظهور له على قناة المستقلة في أوائل التسعينات بأنّه يملك “وجه نظيّف” وعلق آخرون بأنّ “وجهه أحمر”، فهل يريد زعيم الجبهة القول بأنّ الوجه الأحمر دليل على الأيديولوجيا الحمراء؟
لئن طرب زعيم الجبهة للشطر الأول من كلام مقدمه فإنّ الأمر لا يبدو كذلك فيما يتعلق بالشطر الثاني عندما وصفه بأنه يساري راديكالي. توصيف يحيل على “ليلة السكاكين الطويلة”، ويحيل على المجازر التي ارتكبها زعماء الشيوعية “تروتسكي” و”لينين” و”وستالين” زمن التّطبيق الأوّل لأفكار كارل ماركس، كما يحيل التوصيف على أنّ زعيم الجبهة لم يطوّر فهمه للشيوعية لتتلاءم مع خصوصيات المجتمع التونسي العربي المسلم ومع منظومة الحقوق الكونية، ومع مقتضيات الحياة الديمقراطية كما فعل أغلب اليساريين في أمريكا اللاتينية وفي أروبا حيث تصالحوا مع هوية مجتمعاتهم، وقبلوا بالنضال الديمقراطي والسلمي من داخل قلاع الرأسمالية المتوحشة بعيدا عن منطق الرادكالية والعنف الثوري والإحتكام لدكتاتورية البروليتاريا. اقتصر نضالهم على التخفيف من وطأة الرأسمالية المجحفة على العمال والنضال السلمي من أجل عدالة اجتماعية ناجزة بمنهج ديمقراطي يوائم بين الجوانب المشرقة في الفكر اليساري ومنظومة الحقوق الكونية، ويقطع مع الجوانب المظلمة والدموية في الشيوعية الأولى.
فهل ارادها سفيان “ضربة معلم” تعصف بطموح زعيم الجبهة الذي يأمل في تحسين حضور الجبهة في الإستحقاقات الإنتخابية القادمة ؟ لأن الشعب التونسي لم تعد تستهويه الأيديولوجيا أيّا كان عنوانها ولا المشاريع الإقصائية والإستئصالية. وإنّ تصنيف زعيم الجبهة بأنّه يساري راديكالي يضعه خارج السّمت الوسطي.
“دخلة” سفيان بن حميدة ذكرتني بما كان من أعرابي قصد خيّاطا فطلب منه أن يخيط له جبّة فلما جهزت وقاسها أنشد شعرا يقول فيه: خاط لي عمرو قفا فيا ليت عينيه سواء
يذكر أن الخياط كان أعور فلما سمع قوله ردّ عليه قائلا : قل لمن يفقه هذا. أمديح هو أم هجاء؟
الرفيق حمة أبدى انزعاجه لما لحقه من تهم بالفساد في تمويل حملته للإنتخابات الرئاسية (ومعه مطلق الحق في ذلك) خاصة وأن الإتهام لا يستند إلى حجج وأدلة وحتى إن وجدت فيجب أن تقدم للقضاء وليست المنابر الإعلامية وشبكات التواصل مكانها المناسب. غير أنّ الرفيق الجبهاوي يقع في نفس الخطإ الذي عاب خصومه عليه عندما اتهم وزيرا بالفساد على المباشر في قناة تسمة واكتفى بالتلويح أمام الكاميرا بملفّ لا أعتقد أنّ المشاهد قد تبيّن محتواه.
حضرة الرّفيق هل بمجرد الإدعاء بأنّك تملك دليل إدانة لفلان أو علّان تصبح التهمة ثابتة ؟ فماذا أبقيت إذا للقضاء؟ فلا تظلم الناس إن كنت لا تحب أن تظلم واستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك. لم ينس زعيم الجبهة الأوّل في معرض الردّ على من اتّهمه بالفساد (نائب من نداء تونس) أن يقحم حركة النهضة في الموضوع (ولم تتهمه بالفساد) فلعلّ تلك هي إحدى مواصفات اليساري الرّاديكالي.