ملوك الطوائف يظهرون في الخليج
أعلنت السعودية ومن سار في ركبها حصارا شاملا على قطر وقطع العلاقات الدبلوماسية معها وهي أعني، الدول المقاطعة بهذا الفعل تعيد للأذهان مأساة ملوك الطوائف في الأندلس.
عندما سقطت الدولة الأموية وبعد أن سقطت السلطة المركزية ظهرت في كل ناحية من البلاد دويلة لا تتوقف عن الكيد لجيرانها من الممالك الإسلامية وعن شن الحملات المباغتة طمعا في ملك أكبر (هكذا خيّل لمن غاب عنه العقل وقلٌت مروءته). وباتت الأندلس جنة الله على الأرض مسرحا للفتن والدسائس وسفك الدماء بين “الأخوة الأعداء”. لقد وصل الأمر إلى حد الإستعانة بملوك الإسبان وأمرائها ممن يعرفون في كتب التاريخ العربي بـ “الفرنجة”. استغل الملك الإسباني “الفنسو السادس” تناحر ملوك الطوائف فيما بينهم كما هو الوضع اليوم بين دول مجلس التعاون الخليجي وراح يساند بعضهم على بعض ويمد من طلب منه العون بالجنود المرتزقة، أليس ذلك ما تفعله أمريكا اليوم ؟
في هذه الأجواء الخليجية المحمومة، تبرم أمريكا صفقة أسلحة مع السعودية وأخرى مع قطر ؟ وتقول في تصريحات بأنها تتفهم قرار الدول المحاصرة لقطر، وفي تصريحات أخرى تقول بأن قطر شريك مهم في الحرب على الإرهاب، فهي مع الكل وضد الكل… أليس هذا عين ما كان يفعله “ألفنسو” مع ملوك الطوائف في في الأندلس ؟ لقد ظل الفونسو السادس يعين بعض ملوك الطوائف على بعض، ويمد هؤلاء وأولائك بالأسلحة والمرتزقة حتى سقطت بيده كل الممالك الواحدة تلو الأخرى، وانتهى الأمر بالمسلمين “الإخوة الأعداء” إلى محاكم التفتيش وإلى الحرق والتشريد خارج جنتهم التي ضيعوها بأيديهم. وبأيديهم أيضا حولوا نعيمهم إلى شقاء، وعزهم إلى ذل لتكتمل عناصر مأساتهم وتصبح بكائية للشعراء في مراثيهم (أبو البقاء الرندي)، فهل سيجد حكام الخليج من يرثي لحالهم يوما ما.