خليل كمون
يبرز تعامل القنوات السمعية البصرية والصحف المكتوب مع اعتصام الكامور، أن حرية التعبير واستقلالية الإعلام لازالت بعيدة عدة قرون، وان هامش الحرية التي أتت به ثورة 14 جانفي 2011 لم يكن إلا وهما، إذ لم نؤسس بعد لإعلام في خدمة الشعب بل بقي رهين شبكات النفوذ السياسي والمالي. لم تكتفي هذه القنوات بتعتيم المعلومة وعدم المواكبة الجدية والفعلية للحدث بل سعت إلى التشويه والتزييف وبث الفتنة والبلبلة داخل أبناء الاعتصام، وفي ذلك خدمة كبيرة للسلطة أهم بكثير من خدمة الجيش والقوات المسلحة التي وظفها رئيس الدولة في الصراع الدائر.
لم تفهم القنوات الإعلامية أن الزمن غير الزمن والممارسات الإعلامية أصبحت مفضوحة مع الثورة التكنولوجية الحديثة والفضاء الافتراضي حاولت أكثر من السلطة ذاتها عزل الاعتصام والتقليص من حجم التضامن الشعبي.
لماذا تخصص للسلطة موعدا وخطاب تواكبه جميع القنوات واستكثرنا على أبناء الكامور لحظات للتعبير عن الرأي في قنوات الوطنية والخاصة؟ لماذا لم نؤسس لإعلام تواصلي منفتح على الشعب والمجتمع يتحرى المعلومة ويكون حلقة وصل وتواصل بين المجتمع والسلطة؟ أليس للإعلام دور في كشف الحقائق عن الثروات الوطنية أو طمسها؟ لا يمكن الحديث عن سلطة إعلام إن لم نجد إعلام ديمقراطي شعبي يئن لأوجاع المجتمع ويعيش معه أزماته ويدفع نحو حلها.
الأكيد أن الأنماط الإعلامية السائدة زادت في تعقيد المشكل أكثر من الدفع نحو الحل، لان اعتصام الكامور إن لم يتواصل إعلاميا مع المجتمع التونسي فقد تواصل وجدانيا وعاطفيا ورمزيا مع كافة شباب تونس.