النقطة الإيجابيّة الوحيدة في خطاب الرئيس المفدّى
عبد اللّطيف درباله
حسنا.. إنّ النقطة الإيجابيّة الوحيدة في خطاب رئيس الجمهورية المفدّى الباجي قايد السبسي اليوم.. هو ما أظهره دون قصد أو وعي منه.. من إنزعاج وخوف من الشعب.. ومن التحرّكات والإضرابات والاحتجاجات الشعبيّة..!!!
فطوال خطابه.. كرّر السبسي عدّة مرّات.. وبأشكال وتعبيرات مختلفة.. مشاعر القلق من التحرّكات الشعبيّة.. وإن حاول أن يظهر دائما تظاهره بالقول بأنّها من أسس الديمقراطيّة.. وأنّ الدستور والقانون يسمح بها.. وبأنّه شخصيّا لا يرى مانعا فيها.. وأنّ من حقّ الناس الاحتجاج والتظاهر..
لكنّ لهجة السبسي.. وحركاته وتعبيرات وجهه وتكراره لنفس الأمر مرارا.. فضحت مقاصده التي هي عكس ذلك.. وعكس ما تظاهر بقوله.. تماما.. وبدا ضمنيّا خائفا من مآل تحرّكات القوى الشعبيّة.. ومن نتائجها.. وتفكيره في أنّها تهدّد سلطته وحكمه هو والزمرة التي معه..
في نفس السياق حرص الباجي على إنتقاد دعوة المعارضة للعصيان المدني والنزول إلى الشارع رفضا لقانون المصالحة الذي يقترحه.. مبديا استغرابه من ذلك.. زاعما أنّه يتعارض مع الممارسة الديمقراطيّة.. داعيا المعارضة إلى ممارسة معارضتها فقط ضمن “المؤسّسات الدستوريّة” كما كرّرها حرفيّا مرارا.. باعتباره يعرف مسبقا أنّ الرأي والقرار في مجلس النواب محسوما مسبقا له هو وحزبه.. ومن توافق معه..
وهكذا حاول الباجي جاهدا قطع المعارضة عن الشارع.. وعن الشعب.. وهو يعرف بأنّها محدودة من حيث النسبة في البرلمان.. وذلك في محاولة يائسة.. وفاشلة.. لترويضها وتقييدها ووضع سقف لقوّتها وتأثيرها وقدرتها على معارضة مخطّطاته.. وعلى فرض التغيير.. على صغرها.. طالما تحرّكت مع الشعب في الشارع..
لذا.. فإنّ على الشعب أن يفهم رسالة الباجي التي أخفاها بين سطور خطابه الأجوف والفارغ.. ويدرك بأنّ قوّته تكمن تحديدا في الضغط على الحكومة والسلطة.. وفي التحرّك في الشارع بكلّ الطرق العقلانيّة مع احترام القانون..
فقد اعترف السبسي نفسه دون أن يشعر.. بأنّ قوّة الشعب هي نقطة ضعفه التي يخشاها.. وما عدا ذلك فهي لعبة سياسيّة يتقنها.. ويعرف أنّها عموما في صالحه ولا تهدّد سلطته ولا نفوذه..!!!