قالها من قبل: إنه طبيب وليس مختصا في الإدارة
لقد جاء إلى السياسة، عشية هروب المخلوع، (هكذا حدث عن نفسه)، عندما انفضت المعركة ضد الإستبداد، ولم تعد تكلفة السياسة باهظة الثمن. وعندما سئل في مجلس نواب الشعب عن فحوى عقود، أقل مايقال فيها أنها ليست سليمة، وأن فيها تبديدا للمال العام: هرع إلى إحدى الفضائيات (دون غيرها) ليعطى”حق الرد”، أو بالأحرى ليعطى حق الغلبة والتفوق في الرد. تكلم، وبرر، وجاء بأعذار، ولكن كما يقال: “رب عذر أقبح من ذنب”، قال: أنا طبيب ولست مختصا في الإدارة. بنفس منطقه (وهو الطبيب): ما علاقة الطب، بالجماعات المحلية؟
اليوم عاد، بما هو أشد وأنكى، إساءة بالغة لتونس، أولا: عندما يسبب لها أزمة مع أجوارها، والبلاد فيها من الأزمات ما يكفيها، ويغنيها عن المزيد. والإساءة، ثانيا للقطرين الشقيقين (الجزائر وليليا). هل، سيعطى هذه المرة أيضا “حق الرد”؟ ام سيقول: بأنه طبيب، ولا يفهم في التاريخ والجغرافيا؟ فكيف فهم أن تونس في جنوب إيطاليا؟ وهو جوار لا ننكره، ونتكامل معه، ولكن ليس على حساب انتمائنا الطبيعي، لمحيطنا المغاربي، الذي تجمعنا به، وحدة التاريخ، واللغة، والدين، والجغرافيا.
تونس ستبقى مغاربية متوسطية عربية إفريقية إسلامية، تعتز بكل روابطها، مع العرب وغيرهم، مع المسلمين وغيرهم، مع ذوي البشرة البيضاء، ومع ذوي البشرة السمراء، والسياسي الناجح، هو الذي يستثمر كل هذه الوشائج ليحولها إلى مصادر للثروة، وليس للأزمات.
هؤلاء سياسيون، كثرت أخطاؤهم، وقل صوابهم. رحم الله ابا العلاء المعري:
يسوسون الأمور بغير عقل – فينفذ أمرهم ويقال: ساسة
فأف من الزمان، وأف مني – ومن زمن، رئاسته خساسة