تدوينات تونسية

زوجات رسول الإسلام

الحبيب حمام
سؤالان: كيف يحدد رسول الإسلام لأمته 4 زوجات ويموت هو وفي ذمته 9 نساء؟ تقولون الإسلام يكرّم المرأة ورسولكم تزوّج 11 إمرأة ومات عن 9؟ نحاول أن نستعمل منهجا علميا لتناول هذا الموضوع بعجالة.
1. الإسلام لم يبدع التعدّد، بل هو حدّد التعدّد، الذي كان موجودا في الديانات السماوية، وفي الديانات الأخرى، وفي الفلسفات القديمة، وفي واقع العالم حينئذ، وفي واقع الجزيرة العربية. التعدّد غير محدّد العدد في كتب اليهود والنصارى. سليمان، عليه السلام، مثلا، كان له 700 زوجة حرّة و300 أمة، حسب العهد القديم، الذي هو جزء من الكتاب المقدّس عند النصارى. حتى الذين قالوا بأن الموت على العزوبية من المسيحيين وتكريس الحياة للكنيسة (المَكرَسَة) أفضل عند الله برّروه بالتعدّد، فالعازبات هن عرائس المسيح المباركات، يدخل عليهن ويغلق الباب (إنجيل متى، الإصحاح 25). جاء الإسلام ليجعل التعدّد 4 فقط، مع شروط إضافية قاسية. فالذي ينفي أن الإسلام كرّم المرأة فعليه أن يعترف، على الأقل، بأن الإسلام جاء بنظام إصلاحي في اتجاه إكرام المرأة بتحديد نطاق التعدّد وإضافة شروط.
2. الغرب المتقدّم لا يستطيع أن يدعي أن نظامه الاجتماعي الأسري أنجح الأنظمة. موضوع طويل، أذكر إحصائية واحدة: 70% من المجرمين في بريطانيا أبناء غير شرعيين. فالحياة الزوجية والأسرية البريطانية جزء من هذا المشكل.
3. السورة التي أباحت التعدّد مشروطا هي سورة النساء، التي نزلت في السنة الثامنة للهجرة، أي قبل وفاة الرسول بسنتين، عندما تهيئت الظروف لذلك.
4. سورة الأحزاب نزلت في سنة غزوة الأحزاب، أي الخامسة للهجرة. ماذا تقول السورة في شأن تعدّد الأزواج للرسول صلى الله عليه وسلم؟ الآية الأولى (لَّا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) هذا تحديد للرسول، صلى الله عليه وسلم، أن لا يستزيد من النساء وألاّ يُطلق واحدة ليتزوّج مكانها أخرى. طيّب، وماذا بالنسبة لأزواج الرسول صلى الله عليه وسلم؟ (مَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا). يعني إذا طلّق الرسول، صلى الله عليه وسلم، واحدة، فعليها أن تكمل حياتها مطلقة، ولا تتزوج، وطليقها عليه، أفضل الصلاة والسلام، متزوّج معدد، هل يليق هذا بي وبك؟ فكيف يليق برسول الله، سيد الخلق، صلى الله عليه وسلم؟ حاشاه أن يُجحف في حق المرأة. فكون الرسول أبقى أزواجه الـ 9، بعدما ماتت اثنتان، هو إكرام للمرأة. لا يرضى سيد الخلق، صلى الله عليه وسلم، وربه، من قبل ومن بعد، أن يكسر قلب إمرأة. كيف إن كانت زوجته أم المؤمنين. وكيف يطلق امرأة من غير سبب؟
5. مزيد من إكرام المرأة من طرف رسول الله: كيف يَحِرم عظيمات الإسلام، أمّهات المؤمنين، من أن يكن زوجاته يوم القيامة؟ وهل يُردن غير هذا، وهن على فراش الموت؟
6. لا شيء يُبرر ظلم المرأة في الإسلام، لا شيء يُبرّر تطليق المرأة بدون سبب، ذي علاقة بالحياة الزوجية. سيد الخلق، صلى الله عليه وسلم، يعطينا المثال. إن كنت سياسيّا ورغبت أن تكون رئيس جمهورية، ويشترط عليك دستور البلاد أن تطلق زوجتك الأجنبية لتكون رئيسا، فطلّق الرئاسة ولا تطلق زوجتك. ما ذنبها؟ وما ذنب أبنائها؟ لذلك الحبيب بورڨيبة الإبن عاش تعيسا بعد تطليق أمّه من طرف بورڨيبة، زوجته ماتيلدا (مفيدة)، من غير سبب، كما عبّر عن ذلك للتلفزة الفرنسية، وقال بأنه لا يغفر لأبيه هذا. كانت هذه تذكرة، وبارك الله لكم في يومكم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock