محمد الطالبي: “لا سلم بين الأمم دون سلم بين الأديان”
هي قولة لعالم سيويسري، تبناها الراحل محمد الطالبي، في كتابه “عيال الله” ليعبر من خلالها عن الواقع الإنساني الراهن المشحون بنزعات الكراهية والعنصرية البغيضة، التي أشاعت التفرقة بين “عيال الله” وأوقدت نار الحرب في أكثر من مكان، وهو ما يناقض مراد الله من خلق البشرية مختلفين ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
من قلب هذا “الجو المسموم”، كانت دعوة الراحل إلى الحوار بين أتباع الديانات السماوية الذين يشكلون نصف تعداد البشرية، تقريبا، وهو “ثقل لا ينبغي الإستهانة به” هذا هو الراحل محمد الطالبي، كرس جزءا هاما من حياته للتاسيس لحوار هادئ، ومنتج بين أتباع الديانات، أملا في تحقيق السلم بين الشعوب، والتخفيف من حدة التوتر، الذي ميز العلاقات الإنسانية الراهنة.
ولكن غلاة الفكر من الضفتين: الشرقية والغربية، سعوا معاندين إلى غلق أبواب الحوار، لأنهم اتخذوا قرارهم بفرض قيم التوحش على البشرية. وها هي البشرية، تدفع ثمن انسياقها وراء دعاة “التوحش” و”صراع الحضارات”.
هذه الأفكار وغيرها كانت من أمتع ما أثثت به درسا في الإيمان بالرسالات السماوية مع تلاميذي، الذين استغربوا، وصفي له بالمفكر الإسلامي، وهو الذي أحل الخمر، والزنا. عذرتهم لكونهم كغيرهم كانوا ضحية إعلام، يبحث عن الإثارة ويوقظ الفتن النائمة. لم يكلفوا أنفسهم (الإعلام) عناء البحث في مؤلفاته عما يفيد المجتمع التونسي ويفيد الإنسانية، التي دعا فيها إلى الإجتهاد، وإلى الحوار والحرية وإلى القيم التنويرية في الإسلام، لان إعلام الإثارة، لم يكن معنيا بالتحديث ولا بالتعايش السلمي بين المختلفين.
لقد نذر أصحابه، حياتهم لتحويل ربيع العرب إلى خريف بائس وحزين، ومن هنا كان شغلهم: الصيد في المياه الآسنة. لم يقدروا علم الرجل، وجهده في مقاومة الإستبداد ودعوته إلى التقريب بين الشعوب، بين المختلفين عموما. ولم يشفقوا على لحظات ضعف نفسي وجسدي مع التقدم في السن، من الطبيعي، أن تفقد الفكر صفاءه وتركيزه.
ألم يقل لبيد بن ربيعة العامري، الذي طالت حياته حتى وصلت بين الجاهلية والإسلام:
ولقد سئمت من الحياة وطولها
وسؤال هذا الناس: كيف لبيد؟
وقول زهير بن أبي سلمى المزني:
سئمت تكاليف الحياة، ومن يعش
ثمانين حولا -لا أبا لك- يسأم