قهوة تونسيّــة
آشكون منّا ما يحبّش القهوة، القهوة مرسول الأنس والإنشراح، لكن أيضا القهوة فيها أنواع وعندها معاني، وفي بلادنا العزيزة ومع شعبنا الكريم القهوة عندها زاده مشتقّاتها وعندها مفاهيم وتعريفات أخرى، ومن جملتها ثمّة : القهوة، وثمّة قهوتك وثمّة قهوتي…
هات السّاعة نبداو بالقهوة، القهوة بمعنى المقهى – المقاهي أو القهاوي ولاّت معبّية بيهم البلاد، في كل شارع وفي كلّ حيّ وفي كلّ زنقة، ما بين القهوة والقهوة ثمّة قهوة قاعدة تحضرْ، على خاطر القهاوي ولّى ربحهم ياسر ودولابهم ماشي ودايرْ، خصوصا أنّ كليوناتها أكثرهم اللي يجي باش يعمل قهيوة يولّي يبني فيها دار مقام، شيء من القلق وشيء من البطالة وشيء من الهمْلة، وزادة للهروب من تقرقير المرا ودوشة الصّغار،،، قولْ هو كي تجي تشوف أحْنا ما بْعدناش على معنى القهوة في قواميس اللغة، قالّك يا سيدي في العربيّة: القهوة اشتقاقها من الإقهاء، والإقهاء معناه الإقعاد، مِن أقهى الرّجلُ عن الشيء أي قعد عنه وكرهه، واحنا بما أنّا عربْ أقحاح ترجمناها بكلّ أمانة أدبيّة إلى: اللي يدخل القهوة يقعد ويبنّك غادي ويكره ما سواها ولا يطيق قراقا لذكراها، خصوصا كيف يكون فيها طريحات رامي وإلاّ بيلوط، وزيد كان صاحب القهوة يكون كريم يحلّ لكليوناتو (الويفي) وقتها عادْ تولّي (محْلى القعدة ع القهوة محلى الربيع… ومحْـلى القهوة التونسيّة تضمّ الجميع).
إيه نعم، تضمّ الجميع، خصوصا القهاوي المنتصبة قصْدا بحذا المدارس والمعاهد، تضمّ التلامذة والبزناسة -طبعا هذي موش مشتقّة من كلمة بزنسْ- وثمّة أيضا اللي يخترقوها المنحرفين باش يزرعوا فيها الموبقات بأنواعها وأشكالها ويعطيوا للتلامذة دروس تكميليّة،،، وزغرطي يا محاسن…
توّا نجيوا لـ ـ كلمة (قهوتك)، ها الكلمة جامعة، دالّة وافية، يستعملوها بعض التوانسة على مختلف مستوياتهم وثقافاتهم باش يترجموا بيها كلمة (رشوة)، كلمة (قهوتك) هي فتوى شيطانيّة يستحلّ بيها بعض الناس القوانين والتشريعات، وباش يعدّيوا الممنوعات، وباش ياخذوا حق موش متاعهم وإلاّ يحوزوا على امتيازات: مثلا كيف ما ما يشدّوش الصفّ، ما يحترموش نواميس الإدارة، والقوانين ما تشملهمش، تجيهم قضياتهم واصلة فوقْ أعناق الغلابى. وغيرها من التعدّيات والتجنّيات اللي تغطّيها كلمة (خوذ قهوتك) وإلاّ نعطيك قهوتك…
أمّـــــا كلمة (قهوتي) وإلاّ نعمل قهوتي، فهذه كلمة حقّ يُراد بها باطل عند البعض من موظّفينا في القطاع العامّ،، أمّا في القطاع الخاصّ فلا وجود لها أبدا،،، -نعمل قهوتي توّا نْجي- هي عبارة دارجة في إداراتنا ومستعملة برشا في مؤسّساتنا العموميّة، تلقى ثمّة البعض من معشر الموظفين والموظّفات آشكون يوظّف ها الكلمة باش يخرج أثناء توقيت العمل وإلا حتّى قبل ما يبْدا العمل أصلاً خصوصا مللّي زاد سْياب الماء ع البطّيخ، لا، وزيد نعمل ْ قهوتي ولاّت حقّ مكتسب ويا ويح المواطن وقت اللي يعترض أو يحتجّ على تعطيل مصلحتو،،، لكن طبعا يقعد من حقّو باش يردّد في صدرو سرّا (اصبر يا بو قهْرة، حتّي يجيك فلان وإلاّ فلانة من القهوة).
وكمثال حيّ لكلامنا هذا، ثمّة مؤسّسة استشفائية عموميّة،، داير بيها 13 قهوة -والإحصائيّة قديمة شويّا موش محيّنة- تصوّروا يا سادة كان على مدار سوايع العمل كلّ قهوة منهم فيها معدّلا 30 واحد برْكا (30 واحد ماركة نعمل قهوتي) وقهوتي بالتوقيت المريح توّا تعرفوا حجم المصالح المعطّلة وتعرفوا حجم الشهريات الضّايعة…
وغيرها طبعا برشا،،، وكي تحاول تحكي مع واحد من جماعة نعمل قهوتي، يقولّك كنت نعمل في قهوتي،، فيها شيء؟ لا.. ما فيها شيء.. على راي كاظم السّاهر..
هكّا قرّاءنا الأعزّاء نكونوا قدْ وصلنا للتّنوة، وسامحوني كان القهوة جات مرّة شويّا، لكن للاسف هاكا هو واقعنا…