سوريا : الموقف من الثورة يحدّد الإصطفاف
محمد لنور
كلّ الأطراف التي تدخلّت في أحداث سوريا لها أجندات وحسابات لا علاقة لها بالثورة السورية. الثورة كانت سببا في إندلاع الحرب لا غير. إشتعال الحرب كان يمكن أن يكون بسبب إنقلاب عسكري فاشل مثلا.
كانت السعودية تعتقد أنّ إيران ستكتفي بالسيطرة على العراق فلم تتدخّل لنصرة السنّة لأنّ ما يهمّها بالدرجة الأولى هو الحفاظ على حكم آل سعود وليس مصير سنّة العراق فتركتهم فريسة للشيعة المدعومين بقوّة من إيران. إيران التي دعمت حزب الله والفصائل الفلسطنية وإعتقدنا أنّ دعمها كان فقط من أجل تحرير جنوب لبنان وفلسطين، كشفت لنا الثورات العربية أنّ هدفها الأوّل هو إنجاح مشروعها القومي في بناء دولة فارسية قويّة تمتلك السلاح النووي لتهيمن على المنطقة إقتصاديا وثقافيا بتوظيف الطائفية (نصرة الشيعة) واستغلال رمزية قضية فلسطين القضية الأولى في وجدان شعوب المنطقة بدعم الفصائل الفلسطنية التي تقبل بمشروعها ولو على حساب المبادئ والقيم لذلك تخلّت عن حماس التي رفضت إبادة الشعب السوري الثائر على نظام بشار وريث “جملوكية” حافظ وواصلت دعم الجهاد الاسلامي الذي قبل بتقتيل السوريين المعارضين للنظام الدكتاتوري.
كان يمكن أن نساند النظام السوري لو أنّ داعش والنصرة وغيرهم تسرّبوا من العراق أو تركيا كما حصل في تونس (أحداث بن قردان)، نسانده لتصدّيه للإرهاب والفوضى ولدعم وحدة سوريا ولكن أن يصنع بشار الإرهاب باستعمال كلّ الأسلحة (الطائرات والدبّابات…) لقمع ثورة سلمية بل “ثورة إصلاحية” وإجبار الثوار السلميين على رفع السلاح للدفاع عن أنفسهم وقيامه بإطلاق سراح الإرهابيين من سجونه لخلط الأوراق ولتشويه الثوار وهنا يجب التذكير بأنّ أول من تصدّى بالسلاح لجرائم جيش بشار هم المنشقّون عن الجيش السوري “العلماني” أمّا الإرهابيون الذين زرعهم بشار لاحقا لإعطاء نفسه شرعية تقتيل كل من يعارضه دون فرز فلم يحاربوه يوما.
أمّا إيران فقد أعلنت عدائها للثورة السورية منذ إندلاعها ودعمت بشار بالمال والسلاح ثمّ بإنخراط أذيالها (حزب الله وملّيشيات شيعية أخرى) وأمام إنتصارات الثوار أُجبرت على التدخّل المباشر. ولكن إيران فشلت في حسم الصراع لصالح بشار فاستدعى الجيش الروسي ليساعده على تقتيل شعبه.
بعد أن نجح بشار في دفع الثوار إلى رفع السلاح للدفاع عن أنفسهم بدأت تركيا وقطر تقدّمان دعما حقيقيا للثورة السورية وقد كانتا داعمتين لثورة تونس ومصر ومازالتا تواصلان دعمهما إلى الآن وهذا دليل على مبدئية دعمهم عكس سلطنة عمان التي كانت أقرب لموقف إيران المعادي وخاصة السعودية وبقية دول الخليج الذين دعموا الثوار للتصدي للتمدّد الإيراني الذي يهدّد عروشهم وليس لنصرة الثورة السورية فهم أكبر أعداء الثورات والدليل تآمرهم على الثورة في تونس ومصر وليبيا واليمن.
عدا تركيا التي تملك قرارها ولا تخضع لأوامر أحد ودعمها لا يضعفه إلّا تهديد أمنها القومي المتمثّل في إرهاب داعش والفصائل الكردية والتحرّش الروسي، فإنّ قطر رغم مبدئية دعمها لا تملك قرارها أمّا البقيّة فهم مخالب أمريكا والغرب في المنطقة منظّري تقسيم المُقّسم والفوضى الخلّاقة من أجل ضمان أمن العدوّ الصهيوني ونهب ثروات الشعوب العربية.
لماذا يجب دعم الثورة في سوريا ومصر؟
دعمنا للثورة السورية والمصرية هو دعم لكلّ الثورات القائمة وكذلك الثورات القادمة إن شاء الله لأنّ المسار إنطلق ولن يتوقّف.
نجاح الثورة السورية هو رسالة لكلّ الأنظمة الدكتاتورية العربية أنّ الشعوب إذا ثارت في الأخير تنتصر وأنّ عسكرتها وزرع الإرهابيين في صفوف أبنائها أو أمامهم ربّما يُطيل أمد الحرب ولكن لن يحسمها لصالح الطغاة، فالثورات العربية إندلعت لتنتصر.
أمّا إنتصار الثورة المصرية، فهو رسالة لحكّام العرب أنّ الإنقلابات مهما إرتفع عدد الشهداء ومهما كانت وحشية التعذيب فإنّ الثورة ستحقّق أهدافها في الأخير إمّا سلميا كما هي الآن أو ربّما يدفعها السيسي للعنف كما يسعى لذلك منذ الإنقلاب.
الثورات العربية ستنجح بعزيمة وإرادة أبنائها طالت المدّة أو قصرت ومهما كان الثمن غاليا.
لا أمريكا وأذنابها
ولا إيران وأذيالها
إرادة الشعوب أوّلا وأخيرا.