زيارة لإقليم كردستان العراق
محمد بن نصر
في طريق العودة إلى باريس قادما من إقليم كردستان العراق بعد أن شاركت في مؤتمر حول الإرهاب الدولي نظمته بدهوك جامعة نروس الأهلية. تساءل بعض الأصدقاء والصديقات عن سبب هذه الزيارة في الوقت الراهن مبدين تخوفهم منها وهم لا شك محقون في ذلك باعتبار أن إسم العراق ارتبط بالصراع الطائفي وبالصراع مع داعش ولكن إقليم كردستان العراق يعتبر مغايرا لذلك.
إقليم آمن يشهد نهضة عمرانية واضحة تعيش حالة من الركود، يرجعونها إلى تجميد الحكومة المركزية لحصة الإقليم من الميزانية العامة ويضيف البعض همسا الفساد المالي الذي عمقته بعض العناصر من المنتفعين الجدد. ولكن حالة الإقليم مهددة بالرياح التي تهب من حولها. الجنوب العراقي كما وسطه باتا تحت الحماية الإيرانية. بعد أن أعطى المالكي أوامر إيران بانسحاب الجيش وتسليم مدينة الموصل لداعش التي رحب بها أهلها في أول أمرهم أملا أن تنقذهم من البطش الشيعي ولكن سرعان ما تبين لهم أنهم أسلموا أنفسهم لوحش كاسر.
انتهت مهمة التنظيم حيث قضى على ما تبقى من حركة تحرير العراق ورسخ صورة الإسلام المتوحش وجاء دور الحشد الشيعي ليستأنف معارك التاريخ وينتقم من أهل السنة ومارس تحت مظلة محاربة داعش كل أنواع انتهاكات حقوق الإنسان بلا رقيب ولا حسيب.
ضاع العراق وتحولت السلطة المركزية إلى مافيات مالية معممة ستحتاج لتنسيق جهودها المدمرة إلى عدو خارجي ليس من المستبعد بل من المتوقع جدا بعد سقوط داعش أن يكون سنة الأكراد. إيران تتحرك في إطار استراتيجية محكمة خدمة لمصالح دولتها القومية أما السنة العرب فقد أنهكتهم مواقفهم المتباينة وأعمى بعضهم المال الإيراني فانخرط في خدمة استراتيجيتها. ولا غرابة في كل ذلك من أخذ بشروط القوة تحكم في غيره ومن استسلم للهوان كان لقمة سائغة له.