الفاسد في تونس يشعر أنّه فوق القانون
عبد اللّطيف درباله
عندما تخرج المظاهرات الحاشدة في الشارع ليحتجّ الشعب على شبهات فساد تطال رئيسة كوريا الجنوبيّة..
وعندما يهتمّ الإعلام بقضية فساد الرئيسة ويتابعها ويحاصرها..
وعندما يقوم البرلمان بعزل رئيسة كوريا من الرئاسة بسبب شبهة الفساد التي تشمل صديقتها المقرّبة ورجال أعمال كبار في كوريا منهم مدير شركة سامسونج العالميّة العملاقة..
وعندما تعزل الرئيسة ثمّ يقع فتح تحقيق قضائي في شأنها وإيقافها فورا على ذمّة التحقيق.. ويتمّ إيداعها السجن فعلا بدون تأخير..
هل مازال الرئيس الجديد أو أيّ وزير أو أي مسؤول في دولة كوريا الجنوبيّة يجرأ على الفساد أو التلاعب بمصالح وأموال الدولة والشعب أو جني الفوائد والامتيازات هو وحاشيته وعائلته وأصدقائه؟؟!!
عندما تبقى ملفات البحث والتحقيق ضدّ المتورّطين في الفساد بتونس مفتوحة ولا تتتهي ولا تغلق طوال سنوات.. أو تحفظ التهم جزافا.. أو تصدر في حقّهم أحكاما غير عادلة بالبراءة..
وعندما تقوم الدنيا ولا تقعد في تونس مع كلّ حكم قضائي أو كلّ تحقيق في قضايا وشبهات فساد ضدّ وزراء ومستشارين ومسؤولين كبار.. وتخرج الأحزاب والشخصيات السياسية لتستنكر أحكام القضاء.. وتشجب تتبّع الفاسدين.. وتدعو لما تسمّيه التسامح والعفو.. وتحذّر الناس من انهيار الدولة وتأزّم الاقتصاد وشلل الإدارة إن عوقب الفاسدون..
وعندما يهوّن الإعلام من شأن الفساد والفاسدين متى كان المتورّطون فيه شخصيّات نافذة ومعروفة أو رجال الحكم والسلطة..
وعندما يحرص رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة والحكومة برمّتها والأحزاب الحاكمة.. والشخصيّات السياسيّة والإعلام على الترويج لإقرار قانون مصالحة يعفو عن الفاسدين ويجنبّهم التتبّع القضائي والمحاسبة والمحاكمة والعقاب..
وعندما يشعر كل فاسد في تونس أنّه فوق القانون وفوق المحاسبة.. وأنّه يمكن لكلّ فاسد من الكبار الافلات من العقاب.. وأنّه لم تتمّ معاقبة ومحاسبة أحد منهم..
عندما يحصل كلّ ذلك في تونس.. هل لا يزال هناك رئيس أو وزير أو عضو في الحكومة أو مسؤول كبير أو صغير في الدولة.. يخشى الفساد ولا يستغلّ منصبه في الاثراء على حساب أموال الدولة والشعب..؟؟!!