الجمعيّات، الأحزابْ، والكَبــابْ
لعلّ من العلامات الفارقة التي رافقت هامش المسار الثوري في بلادنا هي تفشّي وتفاقم حمّى تكوين الجمعيّات والأحزاب و(استفاقة) ولملمة شتات البعض الآخر من الأحزاب الكرتونية التي كانت قبل الثورة تسجّل حضورا غير فاعل لسبب أو آخر، استفاقة حصلت لطبيعة أنّ تكوين وتنشيط الأحزاب والجمعيات من بعد الثورة أصبح من أقوى موارد المال السّياسي الأجنبي، بل صار مجالا استثماريّا (بدون تمويل ذاتي.!) يدرّ كثيرا من المال ويجلب الحضوة الإعلاميّة مادامت هذه الجمعيّات والأحزاب ساهرة وحريصة على ترويج وتنفيذ أجندات وتعليمات (حنفيّات) المال وأصحابها، ولهذا أصبح لدينا كلّ هذا الكمّ الهائل من الأحزاب والطّفرة الملحوظة من الجمعيّات حتّى وإن كانت البلاد في غنًى عنها أو كانت عقيمة الجدوى ولا فائدة من تواجدها فضلا عن تعطيلها وتشويشها للحراك السّياسي القائم ولخبطتها لكثير من مفاهيم وماهيّات الحكم والحوكمة.
جمعيّات وأحزاب نزع باعثوها والقائمون عليها أياديهم من الوطن وأهله ليبايع أكثرهم جهات خارجيّة وليعاهدوا أجندات دخيلة فاسدة مفسدة على أن يكونوا خدمها وسدنتها ووكلائها الذين يشتغلون عنها بالنّيابة، تعمل وتعبث كلٌّ في مجال اختصاصه وحسب -أهليّته- وقابليّته في الإضطلاع بمهامّه، جمعيّات وأحزاب أخذت على عاتقها السّعي الدؤوب لإماتة الوعي لدى الشعب وزرع الفوضى في أبنائه، الفوضى والتشكيك والتشليك في مجالات السّياسة، التعليم، الثقافة وخصوصا في السّلوكيات والأخلاقيات والمعتقدات والقيم وتأصيلات الدين والهويّة…
جمعيّات وأحزاب إنّما كانت في أكثرها بدافع -التهبير- والثراء والتحكّم ولوْ عن بعد بالمشهد السّياسي والإجتماعي وأيضا الثقافي بمرجعيّة واحدة، مرجعيّة (الكلاب والكباب) بعيدا عن مصالح البلد وهمومه…