المُوظّفون، أو المعذّبون على هذه الأرض الطيّبة
(عسكر زواوة مقدّم في الحرب موخّر في الرّاتب)، مثلٌ ينطبق واقعا على شريحة الموظّفين التي تمثّل الهيكلية العامة لمؤسّسات الدولة وعمود الإرتكاز للإقتصاد ومحرّك الخدمات والتي تضطلع بالجزء الأكبر من أعمال مؤسّسات وإدارات الدولة إذ هم المحور الأساس في تصريف وقضاء مختلف حاجيات ودواليب الحياة مهما كانت الظروف والملابسات والصعوبات وحتى مع غياب وسائل الإنتاج وتردّي ظروف العمل في بعض الأحيان…
لكن مع هذا فإن هذه الشّريحة أهملتها وتهملها سياسات كلّ الحكومات المتعاقبة لوجودها دوما في ترتيب وسطي وثانوي من ناحية التركيبة الإجتماعية، فهي الطبقة المتوسّطة التي تأتي بين الفقر والثراء،،، للفقراء برامج انقاذ ولو كانت عرضيّة أو موسميّة لكنّها قد تفي بالغرض أحيانا وتساعد على اجتياز الاحتياج، وبين الثراء وأهله الذين أجمعت كل السياسات على تضخيم ثرواتهم وزيادة أرصدتهم غالبا بأرقام خياليّة ولا تخضع لقوانين الرياضيات !! ولا إلى منطق المعقول ولا تخضع للمحاسبة ولا حتّى للضرائب.
لكن الطبقة الكادحة، طبقة الموظفين لم تحز إلا على (الإسم العالي والمرْبِط الخالي) وتخرج دوما من المولد بلا حمّص،،، فقط هي حاضرة في ذهن ساستنا عند دفع الفواتير والأداءات والخطايا والأتوات والضرائب الشخصيّة اللي يقصّوها طوّالي وبلا نسيان.
حتّى تدخّلات المنظّمة الشّغيلة فإنها لا تثمر غالبا إلاّ إتّفاقيات بائسة لا تحمل إصلاحات جذرية ولا تعالج الإخلالات المزمنة ولا تحلّ المشاكل المتفاقمة والمتزايدة ولا تدفع غول (الرّوج) المزمن.
فهل من نظرة جدّية ومعالجات على أسسٍ واقعيّة وعلميّة يمكن أن تنهض بهذه الشريحة الحاضرة الغائبة ؟؟ وهل من -سياسة إنقاذيّة- لطبقة هي من تحرّك عجلة الإقتصاد وهي وقوده، كما أنّ انتعاش وازدهار السوق المحلّي مرتبط بـ (رأس الشهر متاع هؤلاء المعذّبون) الذين خلقت فيهم معادلات صرف وتصريف الشّهرية كوابيس يعايشونها كل شهر وعلى مدى سنوات،،، يبقى السؤال مطروحا وتبقى المعاناة مستمرّة…