صندوق النقد الدولي يبيع تونس في المزاد
هايدا لمام
صندوق النقد الدولي يصفع البنك المركزي ووزارة المالية في تصريح مفاجئ، أعلنت السيدة لمياء الزريبي وزيرة المالية أن صندوق النقد الدولي جمد شريحة ديسمبر للقرض الذي منحه الصندوق لتونس والتي تقدر بحوالي 350 مليون دينار وجاء هذا التجميد على خلفية فشل الحكومة التونسية في القيام بالإصلاحات التي اقترحها الممول الاجنبي ومن ضمنها التخفيض في كتلة الاجور وتسريح العمال (تقاعد مبكر) ومن ضمنها كذلك إعادة هيكلة البنوك العمومية حتى تتجنب الانهيار والافلاس بما أن درجة المخاطر للقروض غير مستخلصة كبيرة جدا.
ان ما صرحت به وزيرة المالية عن نية الدولة في بيع البنوك العمومية يؤكد ان هذه البنوك ليست بخير وان الاخبار حول بداية تعافيها غير صحيح وان ارقامها الربحية بحاجة لتثبت وتدقيق كما ان ذلك يؤكد ان منوال التنمية القديم هو نفسه الذي يطبق الان وبنفس العقلية التي تعطي الاولوية للظرفي الوقتي على حساب الاستراتيجي.
في هذا الوضع التونسي لا يمكن للسياسيين والاطراف الاجتماعية أن يؤيدوا الاحتجاجات والاضرابات وتعطيل الانتاج لمدة خمسة سنوات متوالية حتى أصبحت البلاد على حافة الافلاس ومحتاجة للمعونة الخارجية ثم يرفضون ويحتجون على طلب القروض الخارجية من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي فالمنطق يقول إن تشجيع العمل ودفع الانتاج من الحلول العملية لكسب السيادة الاقتصادية والاستغناء عن قروض المؤسسات المالية العالمية ولكن للاسف المشهد التونسي أصبح كله تجهيل ومزايدات حنجورية ومن ناحية البنوك العمومية فقد تأكد للعموم ما كتبناه من قبل حول مواصلة البنك المركزي الضحك على الذقون واستبلاه الرأي العام وذلك بالمصادقة على أرباح البنوك العمومية ( ) في الوقت أن المختصين والخبراء يعرفون أن هذه الارباح وهمية ومزورة (أنظر مقالي: حقيقة أرباح البنوك العمومية الوهمية) وأن عملية التزوير الممنهجة تتأكد بعدما صرحت وزير المالية أنه سيتم إعادة هيكلة هذه البنوك ودمجها ثم التفريط فيها للقطاع الخاص فهذه الاجراءات لا تتخذ الا عند الانهيار المالي والعجز الهيكلي فكيف يكذبون علينا ويعلون عن تحقيق أرباح لسنة 2016 وهم في الحقيقة في إنهيار وسقوط دائم.
إن رفض صندوق النقد الدولي لتسريح القرض كان بتاريخ ديسمبر 2016 وتحدثت وزيرة المالية عن ذلك في أواخر فيفري 2017 وهذا يعني غياب الشفافية لوزارة المالية وللبنك المركزي والذي كان من المفروض أن يعلنا ذلك في ابانه لا أن يتكتموا على الخبر خوفا من فشل المؤتمر الدولي للاستثمار الذي عقد في بداية ديسمبر 2016 ومن هنا تظهر جليا الحيل التي يتم اتباعها لتعمية الرأي العام المحلي وهذه التعمية لم تنطلي على مؤسسات التصنيف الدولي والتي قامت منذ مدة قليلة بتخفيض التصنيف السيادي لتونس نحن الآن امام مشهد اقتصادي ومالي سريالي…
صندوق النقد الدولي يضغط لفرض إصلاحات مالية وبنكية ووزارة المالية تتكتم على الخبر واعلام لا هم له الا منصف المرزوقي وسهام بن سدرين وتقنين الزطلة في حين يكتفي البنك المركزي بالفرجة ويواصل تزكية أرباح وهمية لبنوك عمومية مفلسة عوض التشدد معهم لاستخلاص الديون التي اقترضها المافيوزيون ولم يسددوها… إنه مشهد خيالي لا واقعي وتغييب مريع لحقيقة الاوضاع وكأن جميع المعنيين يستهلكون الحشيش والزطلة ولا يراعون حساسية ودقة الوضع فالي أين نحن ذاهبون؟