ألهاكم التّنازع
سامي براهم
عدّل مخرج مسرحيّة “ألهاكم التّكاثر” عنوان مسرحيّته بإسقاط العنوان العربي والاحتفاظ بالعنوان الفرنسي وذلك استجابة لموجة الامتعاض والاحتجاج من طرف عدد من المتديّنين الذين اعتبروا اقتباس آية من القرآن في عمل فنّي بدا لهم من خلال اللافتة الإشهاريّة متحرّرا من الضّوابط الأخلاقيّة استهزاء بالقرآن ودعوا إلى مقاطعتها.
و علّل المخرج ذلك بأنّه لا يبحث عن الإثارة لتسويق عمله الفنّي من خلال استفزاز مشاعر المتديّنين، ولكن يهتمّ بوصول المضمون الفني الذي يدافع عن المسرحيّة دون حاجة لبروباقندا “البوز”.
هذا الإجراء أثار ارتياح المحتجّين وربّما شعور انتصار، وفي مقابل ذلك أثار استياءََ واحتجاجا من طرف من انخرطوا في حملة مضادّة للدّفاع عن المخرج والمسرحيّة بنقد الوعي الديني المتخلّف وجهل المحتجّين ومعاداتهم للفنون وحريّة الإبداع.
لكن تحوّلت حملة المساندة للمخرج إلى حملة تنديد بالمخرج بعد تعديل العنوان حيث وصفوه بالانبطاح للظلاميين وخذلان المساندين ودعوا إلى مقاطعة المسرحيّة.
وبذلك التقى المتنوّرون المدافعون عن حريّة الإبداع والفنّ المسرحي مع المدافعين عن الضوابط الأخلاقيّة للفنّ والإبداع في الدّعوة لمقاطعة عمل فنّي ومصادرة حقّ المبدع في اختيار العنوان الذي يرتضيه له ويعبّر عن ضميره الفنّي.
المخرج تفاعل مع سياقاته الثّقافيّة ولم يشأ صنع بطولات اصطناعيّة واستثمار رأسمال مظلوميّة واعتبر أنّ العمل الفنّي يدافع عن نفسه بمضمونه لا من خلال الإثارة رغم اقتباس آية من القرآن أو تضمين نصّ حديث أمر دارج في الفنّ إذا لم يكن القصد هو الحطّ من اعتباريّة النصّ يؤمن عموم الشعب بقداسته.
اختار المخرج الفنّ مقابل التسويق الإثاري وأفشل حملات التسخين المضادّة باسم المقدّس الديني أو المقدّس الوضعي.