هل هناك وحي على الرسول غير القرآن ؟
الحبيب حمام
أي هل هناك وحي غير متلوّ ؟ المنكرون للسنة يقولون لا، ويفسرون قوله تعالى “يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك…” بتبليغ القرآن فقط، و”وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى” بالنطق بالقرآن فقط، و”لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة” بالأسوة الفعلية في تطبيق القرآن، و “لتبيّن للناس ما نزل إليهم” بالتبيين عبر الفعل، و “الذين يتبعون الرسول النبي الأميّ…” باتباعه في تطبيقه للقرآن حسب فهمه واجتهاده، وهكذا. نردّ عليهم، إن شاء الله، بالقرآن لأنهم لا يؤمنون بغيره من الوحي.
كيف عرف الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يجب أن يُصلي وأصحابه باتجاه بيت المقدس؟ يقول تعالى “وما جعلنا القبلة التي كنت عليها…” الله جعل القبلة الأولى. كيف ذلك إن كان بدون وحي لنبيّه؟ ويقول تعالى “قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها…” فالرسول كان يرغب في التحوّل إلى قبلة الكعبة، ما الذي كان يمنعه إن لم يصدر له أمر إلاهي سابق بالتوجه شطر بيت المقدس؟ كيف كان هذا الأمر الإلاهي؟ الصحابة اتبعوه في مسألة القبلة لأنهم كانوا يدركون أن “وما آتاكم الرسول فخذوه” تشمل الوحي المتلو وغير المتلو وهو السّنة.
كيف أذن الله للرسول بقطع النخيل في غزوة بني النضير؟ هل فعل ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم باجتهاده، وهو إفساد في الأرض في الظاهر، إلا أن يكون بإذن الله؟ هناك إذن أكيد لقوله تعالى “ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله” كيف كان إذن الله؟ بالقرآن، أين الآية التي تنصّ على هذا الإذن الذي سبق القطع؟ الصحابة اتبعوه في مسألة القطع لأنهم كانوا يدركون أن “الذين يتبعون الرسول النبي الأميّ…” تشمل الوحي المتلو وغير المتلو وهو السنة.
كيف عرف الرسول أن إحدى أزواجه لم تكتم السرّ؟ يقول تعالى “وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبّأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير”. كيف “أظهره الله عليه” إن لم يكن وحيا؟ وكيف يقول “نبأني العليم الخبير” وليس هناك أي آية تنبؤه بما وقع؟ إنه الوحي غير المتلو. زوجات النبي كن يدركن أن “إن هو إلا وحي يوحى” تشمل الوحي المتلو وغير المتلو وهو السّنة.
هل كان الإسراء والمعراج عبثا؟ لا نعرف عنهما إلا آية “سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا…” حدث عظيم كهذا، أين تفاصيله في القرآن؟ هل وقع المعراج أصلا؟ أين الآية؟ وماذا فعل الرسول في المسجد الأقصى؟ ما الذي أوحي إليه في تلك الليلة؟
كيف وعد الله المؤمنين بالتمكّن من القافلة أو بهزيمة قريش؟ يقول تعالى “وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم…”، كيف كان هذا الوعد المُحدّد؟ ليس وعدا بالنصر إجمالا، فهذا موجود في القرآن. هذا وعد مُحدّد: “إحدى الطائفتين”. كيف وقع هذا إن كان بغير الوحي؟ الصحابة كانوا مطمئنين للوعد لأنهم يعلمون أن “وما على الرسول إلا البلاغ المبين” تشمل الوحي المتلو وغير المتلو وهو السنة. الأدلة كثيرة. نكتفي بهذه الخمس، ونقول “يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك” تعني بلاغا عاما وشاملا لكل ما تحتاج إليه الإنسانية في عاجلها وآجلها، ودنياها وآخرتها. كانت هذه تذكرة مسائية وطاب ليلكم.