تدوينات تونسية

الثّائر حبّا

عبد اللطيف علوي
أنبل الثّورات وأشرفها، هي ثورتنا على من نحبّ…
والثّائر الحقيقيّ هو من يثور على شعبه حبّا، يثور عليه من أجله، ويثور به على السّلطة وعلى الجهل وعلى التّخلّف وعلى العادات الذّميمة الكامنة في معتقداته وسلوكاته وعاداته…
عندما ثار الشّابّي على شعبه حبّا، كتب فيه كلماته الخالدة:
أيْها الشعبُ! ليتني كنتُ حطَّاباً ____ فأهوي على الجذوعِ بفأسي!
ليتَني كنتُ كالسيّولِ، إذا ما سالَتْ ____ تهدُّ القبورَ: رمْساً برمٍسِ!
أنتَ روحٌ غَبِيَّة ٌ، تكره النّور، ____ وتقضي الدهور في ليل مَلْس…
أنتَ لا تدركُ الحقائقَ إن طافتْ ____ حواليكَ دون مسّ وجسِّ…
• من حمل نعوش أبناء شعبه وبكى على كتفيه الفقير واليتيم هو المرزوقي، وليس خدّام البايات.
• من تنقّل بين الأرياف والدّشر لمداواة الفقراء والمنسيّين هو المرزوقي وليس خدّام البايات.
• من جعل في ماله نصيبا شهريّا لجرحى الثورة والمنبوذين هو المرزوقي وليس خدّام البايات.
• من فتح أبواب القصر لعامّة الشّعب وساوى بين المحجبة والمنقبة والسّافرة واستقبل أبناء القاع المنسيّين المكروهين، وصبر على الجميع وتحمّل أقذع الأذى ولم يؤذ ذبابة… هو المرزوقي وليس خدّام البايات…
• من ناضل وثبت على مبادئه عقودا من أجل غد أكرم لهذا الشّعب، هو المرزوقي، ابن الشّعب، فلا يزايدنّ عليه خدّام البايات ووكلاء الاستعمار الّذين لا يرون الشّعب سوى بردعة للرّكوب…
أنا لا أخلط الزّيت بالماء…
أختلف مع المرزوقي كثيرا في تقديراته السياسية لما بعد محطة 2014، وأدين خطابه أحيانا حين يغرق في الشّعبويّة والتّنصّل من خياراته السّابقة، ولا أرتاح أبدا إلى حراكه الجامد المليء بقصار النّظر والمتطفّلين… لكنّني لن أكون سكّينا عند من يريد أن يذبحه بيديّ…
المرزوقي قالها بيّنة لا تحتاج إلى تأويل: هذا شعب فاسد بالنتيجة، وليس فاسدا أصالة…
كلام المرزوقي إدانة لمن حكموا تونس 60 عاما، وليس إدانة للشّعب في شيء…
نعم، نحن شعب فاسد، الشرطي يحلّ مشاكله من ظهر الزّوّالي، والموظّف من ظهر المواطن والأستاذ من ظهر الوليّ، والخضّار من ظهر الغافل، نحن شعب فاسد… ومن أحبّ شعبه، فليثر عليه أوّلا كي يصبح جديرا بالكرامة وبالحرية وبالمواطنة الحقيقية…
تتكلّمون عن تأثير ذلك عليه في الانتخابات، ذاك شأنه… لا تبكوا عليه إذا خسر… هو راض بذلك ومقتنع بما يرى، فدعوه وشأنه…
نحن نختلف في خطّ السّير، لكنّنا نقصد الوجهة ذاتها، ومن يعمى عن ذلك، فليتحسّس رقبته منذ الآن!
نافسوه وحافظوا على خيمة الشّرف، فمصيرنا أن نلتقي…
ولا تكونوا كالّتي نقضت غزلها…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock