تدوينات تونسية

قُتل الفاروق عمر ولم يلقب بالشهيد

الحبيب حمام
كلمة “شهيد” وقع العبث بها، وأصبحت على كل الموائد. قُتل الفاروق عمر بن الخطاب وهو يؤم الناس في الصلاة، وإذا ذكره الصحابة لم يلقبوه بالشهيد، بل اكتفوا بالترضي عنه. وكذلك قتل عثمان وهو يقرأ القرآن، وقتل علي وهو على منبر رسول الله، رضي الله عنهم أجمعين. بل قتل كثيرون في المعارك ولم يلقبوا بـ “الشهيد” وعلى رأسهم سعد بن معاذ، الذي اهتز لموته عرش الرحمان. بل إذا ذكروا يحيى وزكرياء، قالوا “عليهما السلام”، ولم يلقبوهما بالشهيدين.
أورد الفقهاء تعريفات مختلفة للشهيد بحسب رأيهم في بعض المسائل المتعلقة به كالغسل والصلاة عليه، وقد عرفه الشافعية، على سبيل المثال لا الحصر، فقالوا: “الشهيد هو من مات من المسلمين في جهاد الكفار بسبب من أسباب قتالهم قبل انقضاء الحرب، كأن قتله كافر، أو أصابه سلاح مسلم خطأ، أو عاد عليه سلاحه، أو تردى في بئر أو وهدة، أو رفسته دابته فمات، أو قتله مسلم باغٍ استعان به أهل الحرب” (المراجع أسفله).
وكان من أدب الصحابة والتابعين أنهم لا يلقبون أحدا بالشهيد تعيينا إلا حمزة رضي الله عنه، ويسألون للقتيل المسلم في الحرب الشهادة ويقولون “نحسبه عند الله شهيدا”. أما أن نطلق على من مات بسكتة قلبية شهيدا ومن مات مغدورا شهيدا، …، فهذا لا يستقيم، وإن كان يمكن أن يكون أجره أجر شهيد فهذا من عطاء الله وفضله. أرجو أن نعطي للشهادة قدرها. رحم الله من مات في سبيل الله ونسأل الله لهم الشهادة. كانت هذه تذكرة صباحية، وأسعد الله يومكم.
المراجع: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، محمد الشربيني، تـ 676هـ، ط المكتبة الإسلامية، ج1ص 350ـ361، والمغني، ابن قدامة المقدسي، تـ 630هـ، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، ج2ص 401ـ406، الفقه الإسلامي وأدلته، وهبة الزحيلي، دار الفكر، ط2، 1405هـ، ج2 ص555.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock