تدوينات تونسية

“الشهداء” تتكافؤ ذكراهم !

القاضي أحمد الرحموني
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء

يحز في نفسي ان اقرا او اسمع قولا او ارى فعلا يتضمن -عن قصد او عن غير قصد- استخفافا او استهانة او تجريحا بشهيد من شهدائنا ! كما يؤلمني بنفس القدر ان اجد من بين التونسيين من يميز بين الشهداء او ينكر على عدد او احد منهم صفة الشهادة او يفرق بينهم بحسب ما يعرف من افكارهم او سلوكهم او ينسب هذا الشهيد او ذاك لحزب او طائفة او قبيلة او عقيدة…الخ او يتحفظ على الاحتفاء بالشهداء وتخليد ذكراهم او يجادل في ذلك كانه يوزع عليهم او يمنعهم “صكوك الجنة” او “صكوك النار”!

فهل يجد “المخلص” حرجا في ان يتخلى عن ترسبات “العنصرية” و”الضغائن السياسية” و”التجاذبات الايديولوجية” و”الصراعات الحزبية” وهو يستحضر تضحيات الشهداء مهما كانت طبقاتهم ومواقعهم وافكارهم وطوائفهم واحزابهم..الخ !؟

وهل يضيق قلب “المؤمن” حين يطلق على هذا او ذاك وصف الشهيد وقد مات مظلوما مغدورا مقهورا وحيدا سواء مات وهو يحرس حدود الوطن او يقاتل في المعركة او اغتيل في غياهب الظلام او قتل على غفلة منه وهو يناضل من اجل الوطن !؟

فهل نجد اوسع من “قلب الرسول” عليه السلام الذي قال “مَن مات دون ماله فهو شهيدٌ، ومن مات دون دمهِ فهو شهيدٌ، ومن مات دون أرضه فهو شهيدٌ”!؟

فالشهيد له فضل لا يساويه فيه سائر النَّاس حين يموتون على غير حاله لكن الشهداء في الدنيا يتساوون فيما بينهم وتتكافؤ دماؤهم وذكراهم !

فنحن لا ندري -على سبيل القطع- كيف يتقبل الله “شهداءنا” (فالله اعلم بمن يجرح في سبيله!) لكن يعطى جميعهم -كما يقال- حكم الشهداء في الاحكام الظاهرة!

فلا نجد لذلك فرقا بين شهداء الثورة وشهداء الوطن (من الامنيين والعسكريين) وشهداء الاستعمار وشهداء الاستبداد (قبل الاستقلال وبعده) ولا فرقا بين قوافل الشهداء من مختلف التوجهات (الفكرية والحزبية والعقائدية..) ولا فرقا بين افراد الشهداء المختلفين او المتجانسين كشكري بلعيد ومحمد البراهمي ومحمد الزواري..الخ !

فهل يمكن باي وجه ان نفرق بينهم وهم يتساوون في تلك الدماء الزكية !؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock