لم يعد خافيا استهداف الباب السابع من الدستور
زهير إسماعيل
الباب السابع من الدستور يكاد يختزل دستور الثورة. لأنّه أساس الديمقراطيّة التشاركيّة ثمّ المباشرة.
وسيمكن هذا الباب حين يتمّ تفعيله عبر تدرّج مدروس إلى إعادة بناء البلاد بحواضرها وجهاتها وقراها من جديد وإشراك الناس في تنظيم حياتهم وتحسين جودة عيشهم وحسن استغلال مواردهم البشريّة والطبيعيّة.
لكن ما نراه اليوم في تعيين المعتمدين يمثّل حركة مضادّة لهذا الباب في الدستور من خلال التعيينات الحزبيّة الرثّة الغالبة (الاستثناءات قليلة) على خطى تراث التجمّع في شراء الذمم والمحسوبيّة وخنق الإدارة والاستئثار بموارد البلدات والقرى وتبديد مقدّراتها وتأليب العائلات بعضها على بعض.
بالإضافة إلى طبيعتها الحزبيّة، غلب على المعيّنين رثاثة المستوى الذهني وضعف الخبرة والنضج العاطفي والتوزن المطلوب عند عدد مهمّ ممّن تمّ تعيينهم.
وتأتي هذه التعيينات على ابواب انتخابات بلديّة منتظرة وهناك إصرار على أن تتمّ في 2017 أمام كارثيّة الوضع البيئي والصحي وتعطّل الخدمات الضروريّة وضعف المراقبة واستشراء أفقي مخيف للفساد. فضلا عن أنّ الانتخابات البلدية يجب أن تكون مقدّمة ملائمة للحكم المحلّي، وألاّ تكون استعادة الانتخابات البلديّة التقليديّة الخاضعة للمركزيّة المستحكمة.
تعيين هؤلاء المعتمدين بهذه الطريقة وبهذه الرثاثة الغالبة التي تجعل من المعتمد أداة تنفيذ يعتبر موقفا واضحا من الباب السابع. وهناك جهات في منظومة الحكم في البرلمان والحكومة لا تخفي عداءها للباب السابع من الدستور وتعتبره محور الصراع الحقيقي مع “الثورة”. لأنّ المرور إلى تفعيل هذا الباب بالتدرّج المطلوب يعني إعادة تأسيس جديد للدولة وللنظام السياسي، وبداية تطوير الديمقراطيّة التمثيليّة التي لا تغطّي سياسيّا واجتماعيّا إلا المركز إلى ديمقراطيّة تمثيليّة قابلة لأن تتطوّر إلى ديمقراطيّة مباشرة.
وستمكّن الديمقراطيّة التشاركيّة من أن يختار الناس حكامهم المحليين وأن تكون الإدارة قريبة منهم وبين أيديهم. وأن يباشروا مواردهم ويتشاوروا في قراهم وأحيائهم وفي تدبير معاشهم واقتصادياتهم وأن يكون دور المركز/الدولة هو التعديل وتوجيه الجهود والاقتصاديات المحليّة في سياق بناء القوّة الوطنيّة السياسيّة والاقتصاديّة العامّة.
الباب السابع هو المدخل الوحيد لرأب الصدع الاجتماعي الذي سبّبته المركزيّة والسياسات التابعة منذ عقود بعيدة.
الباب السابع محور الصراع الحقيقي وعلى قاعدته تتحدّد المواقف فنعرف القديم من الجديد والثورة من الثورة المضادّة ومن مع ما تقوم به الحكومة ولا سيما من خلال التعيينات مخالف لروح الباب السابع من الدستور… وفيه استعادة لفكرة “حزب الدولة”. وهناك كفاءات تمّت إزاحتها لكونها “غير موالية”.
لمنظومة الحكم وللحزب “الأغلبي” “الحق” في أن يعيّن معتمدين، ولكن الذي لا خلاف حوله هو أنّهم يقومون بكلّ هذا بل بعقليّة موروثة عن الثقافة الزبونيّة ثقافة الحزب الواحد. وهم في ذلك بعيدون عن التوجّه العام للبلاد وروح الدستور وانتظارات الناس.