اليوم تموت طفلة من البرد
ياسين العياري
يا حسرة على زمن كان، لو تعثر فيه بغلة في العراق، يطالب فيها الطامة والعامة والمجتمع المدني والنقابة والصحافة وحتى نواب أجانب بأستقالة الحكومة وحل التأسيسي وإستقالة الرئيس وتخرج المظاهرات وتعلن الإضرابات وتصدر البيانات وتنتصب البلاطوات والمحاكمات وتحميل المسؤوليات.
اليوم تموت طفلة من البرد، تموت عائلة سقط عليها سقف كوخ، يموت طفل يسعفه أبوه في كميونة، يموت رضيع في حادث قطار، تموت الميزانية بعد ستة أيام.
و لا أحد يهتم!
بائعة الكبريت.. تلك القصة الحزينة التي قرؤوها لنا ونحن اطفال، هي واقع اطفال هذا الوطن المنكوب المباع.. اشعلت أحلامها واحدا تلو الآخر حتى اخذها الموت إليه وسط لا مبالاة الجميع.
ربما واقعنا يشبه قصة اخرى ولو تعسفا.. قصة من عزفوا لهم مزمار الكرافاط وماناش عرب والإرهاب فتبعوا عازف المزمار ولقوا حدفهم.. حقرة وبردا وارهابا وتعذيبا وغياب أطباء.
انا حزين جدا هذا اليوم.. انا مذنب في حق بائعة الكبريت.. أنا أحس البرد داخلي.. برد شديد.. كم اتمنى أن يحرق البرد احاسيسي للأبد واغطي بظهري بلدا وشعبا قتل نفسه ومستقبله وآماله، يتبع صوت مزمار..
تدفؤوا جيدا، فالفايدة في الوهرة، وأخفضوا أصواتكم وموتوا في صمت، فأنينكم يفسد حفلة حاكميكم، حفلتهم بعظامكم في المدفأة.