عبد اللطيف علوي
ثلاثة أحداث مفاتيح، لا يجب أن يهملها كلّ من يريد أن يفهم طبيعة هذا الشّعب الّذي حيّر العالم…
الحدث الأوّل يوم أعلن بورقيبة عن التّراجع في زيادات الخبز، في عبارته الشّهيرة:”نرجعوا وين كنّا قبل الزّيادات”… يومها نزل الآلاف إلى السّاحات يرقصون والدّماء مازالت لم تجفّ على الأسفلت، مئات القتلى وآلاف الجرحى وعشرات آلاف المعتقلين والمطرودين تعسّفيّا من وظائفهم، لكنّ الشّعب التّونسيّ، بعد أيّام فقط من الاضطرابات صار مطلبه الوحيد أن يعود إلى همّه القديم، وكفى الله المؤمنين شرّ القتال…
الحدث الثّاني يوم استولى بن علي على السّلطة، بعد المواجهات التي دامت أشهرا قليلة… يومها خرج هذا الشّعب مرّة أخرى يرقص في السّاحات، احتفالا ببن علي، وهو السّفّاح المعروف حتّى قبل الانقلاب، رجل دمويّ معروف بتاريخه الأمنيّ القذر، وكان هو العقل المدبّر لكلّ سيناريو المواجهة بين الإسلاميّين وبورقيبة في تلك الفترة من أجل تهيئة ظروف الانقلاب… مرّة أخرى يصبح الهدف الوحيد لشعبنا العظيم، هو العودة وين كنّا… قبل المواجهات، وكفى الله المؤمنين شرّ القتال…
الحدث الثّالث هو بعد الثّورة مباشرة، بعد الدّماء والتّضحيات هرب بن علي، وقام النّظام بتجديد نفسه عن طريق الدّفع بواجهة أخرى تحرّكها نفس المافيات ومراكز القوى نفسها، الغنوشي والقلال والمبزّع وفريعة ومرجان وغيرهم… لكنّ شعبنا العظيم، مرّة أخرى اختار العودة السّريعة إلى الأسرّة المريحة ومواقد الفحم كي يواصل التّدفّؤ والأحلام السّعيدة… وكفى الله المؤمنين شرّ القتال…
ما أنقذ الموقف في المرّة الثّالثة -نسبيّا- هم أولئك الفتية الّذين أدركوا بحدسهم البسيط، أنّ الحيّة تغيّر جلدها، لكنّها لا تتحوّل أبدا إلى حمامة وديعة، فكانت اعتصامات القصبة، وبها وحدها تحقّق هذا القليل الذي نحارب اليوم من أجل المحافظة عليه…
أيّها الثّورجوت التعيس، ضع الاستنتاج المناسب !
وإيّاك أن تسبّ…!
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.