الأمم المتحدة مجرد ناد ترفيهي
أحمد القاري
“الأمم المتحدة مجرد ناد ترفيهي” هكذا وصف دونالد ترامب الأمم المتحدة.
ووصفه هذا يليق وينطبق على المنظمة الأممية التي تحولت إلى مؤسسة كبيرة يتمتع فيها آلاف الموظفين والديبلوماسيين بامتيازات هائلة.
فهم اختاروا أفضل مواقع العالم وأكثرها رفاهية لمقرات المنظمة: مانهاتن بنيويورك ومركز مدينة جنيف. إثنان من أكثر الأماكن غلاء وأحسنها خدمات على كل المستويات.
ومن هناك تعمل هذه المنظمة التي قامت على تمييز واضح بين الأعضاء من خلال سيف الفيتو الذي تملكه خمس دول فقط يمكنها نقض أي قرار لمجلس الأمن وفق هواها ومصالحها.
وقد زرت مقر المنظمة في نيويورك. وهناك قامت موظفة كورية بإرشادنا في جولة مررنا خلالها بقاعة الجلسات العامة وقاعة جلسات مجلس الأمن وبعدد آخر من مرافق المنظمة.
دهشت لقناعة المرشدة بأن منظمتها ناجحة وأنها تحقق إنجازات كبيرة. وعموما هكذا يخيل لكل من يعمل في الأمم المتحدة. الكلام الكبير والنقاشات والمجاملات الديبلوماسية تجعلهم يعيشون عالما خاصا بهم ولا يدركون أنهم يصفون الحرائق المنتشرة في العالم أكثر مما يتدخلون لإطفائها.
يفضل الغربيون النظر إلى الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط باعتبارها منطقة همجية لا يصلحها إلا الاستبداد.
هذه النظرة مريحة لضمير الغربي. فهي تبرر مساندة حكوماته لأنظمة الاستبداد في شمال إفريقيا. وهي تلائم هوى عميقا لديه بأن تظل كفة القوة والثروة والسيطرة مائلة بشدة لفائدة الضفة الشمالية. فالتاريخ يقول بأن إحدى الضفتين تسيطر على الأخرى أو تكون الضفتان في حالة نزاع.
ويشعر الغربي براحة إضافية حين يرى أنه يستقبل اللاجئين (أو من ينجوا منهم من عبور البحر) ويطعمهم ويؤويهم. وأنه يقدم مساعدات مالية من عملاته الورقية وماله المستدان لمشاريع يأكلها الفاسدون في بلدان الضفة الجنوبية (الفساد في رأي الغربي صفة أصلية في سكان تلك الضفة).
وتشكل تركيا تحديا مزعجا لهذه الرؤية. فهي لم تعد في حاجة للمساعدة. وهي تتقدم على كل صعيد. وتحكم بالمنتخبين. وتحارب الفساد. وتصر على تحطيم الأغلال والقيود التي وضعت عليها منذ ما بعد الحرب العالمية (الغربية) الثانية.
والخلاصة: لا تعويل على الغربي في حل مشاكلنا وقضايانا. حل قضايانا بأيدينا.