هل يعيش السوريون ثانية مع قتلتهم ؟
بلغيث عون
لم يعد يجد الحوار الهادئ: قلوب الشعوب ستتفطر من الظلم الذي تراه في سوريا: بعد الموت، تهجير شعب من دياره كما هجرت “إسرائيل” الفلسطينيين من دير ياسين وأخواتها، هل أولئك الذي رأيناهم في الحافلات هم الإرهابيون الذين كانوا يقاتلونهم؟ وكيف يجرؤ غير المريض على وصم شعب بالإرهاب؟
حينما تقول لهم: أطفال تحت الأنقاض ونساء وأبرياء وملايين مهجرة، يقولون “محور غلب محورا آخر” و”استراتيجيات كبرى لا نفهمها” و”توازنات إقليمية”… عليكم سبعون مليار لعنة تلحقكم من الأرض إلى السماء في الدنيا قبل الآخرة: أي محاور بعد محور الإنسان يا حمير؟ وأية توازنات بعد سقوط الإنسان من المعادلة؟ أتصدقون مع أنفسكم إذا كان المقتول والمعذب والمهجر من شيعتكم يقتل لأنبل هدف كان؟ تعلموا معنى الإنسان منا أيها الدراويش، نحن الذين نقلب الفكر البشري رأسا على عقب بحثا عن شيء يعلو على الإنسان فلم نجد. وأخيرا نؤول الآيات القرآنية لكي لا نقتل الإنسان باسم الله نفسه خالق الوجود؟ ألا يستحي أستاذ وحقوقي وصحافي ولسان حاله يقول: أقتل الإنسان وأقتل شعبا من أجل التوازنات الإقليمية والدولية والوحدة العربية والقضية الفلسطينية والأوهام الكونية، في حين يقول غيره : لا أقتل إنسانا من أجل الله (أعلى مفهوم في الوجود) نفسه؟
اللعنة على كل كذاب وسفيه ومتخلف ذهنيا ومريض نفسيا حول ثورة الشعب السوري إلى إرهاب واستقدم شياطين الأرض لوأدها. اللعنة على كل من طبل وزمر من قريب أو من بعيد للنظام وروسيا وإيران ول”محاور” العار و”مقاومة” النكبة والحقارة.
ثم بعد ذلك لو أعنتمونا على الفهم: هل يوجد عاقل في الأرض يتخيل أن كل الكذب والقتل للأبرياء والدمار الشامل والظلم سينسى يوما ويذهب سدى أو سيبنى عليه شيء؟ هل يتخيلون أن السوريين حتى يفكرون بالعيش ثانية مع قتلتهم؟ هل يتخيلون أن الإنسانية الحرة ستسكت عن الظلم الذي لم يعرف نظيره منذ الحرب العالمية؟ ثم هل يظن ظالم أن الله سيعفيه من الجريمة باسم “الممانعة”؟ وما الذي يعني الله تعالى (بالمناسبة) من الممانعة ومن المحاور ومن السخافات التي تقتل نفس واحدة (أي نفس بغير حق – “كمن قتل الناس جميعا”) لأجلها؟ سبحان الله: أي عقول حمير يمتلكها هؤلاء القوم؟