من نُخَالَةِ عهْدٍ تعيس !!
عبد القادر عبار
في مشهد فيديو عجيب ورائع، التقطتْ عدسةُ أحد هواة الصّقور موقفا لِصَقْر يبدو هاديًا وهو مُسْتَوٍ على احد الأسلاك العالية، يرقب ويرصد عن بعد، فيأتي أحد الغربان محاولًا مناوشته من الخلف، يستفزه ويستعديه، فينقره ويهرب، مكررا ذلك عدة مرات.. والصقر لم يعره اهتمامًا، ولم يعبأ به، فما التفتَ ولا تحرّك، ولا صدرت منه حركة توحي بأنه قد تأثر، أو تألم، أو غضب..
وهكذا هي شيم الكبار، وأخلاق العقلاء، وسلوك النبلاء، والسادة الشرفاء، لا يُرْبِكُهم احتجاج الأراذل، ولا يؤلمهم قرصُ خشاش الأرض.. لا يهدرون طاقاتهم ولا يضيعون أوقاتهم في الردّ على السفهاء !!
من أعجب العجَب في هذا الزمن الرّديء، أن تتطاول النُّخالَةُ على النَّقِيِّ من الدّقيق!، وتسبّ الأيدي التي غربلتها، وتخاصم الغربال الذي أسقطها… وأن يتطاول اليتيم بفاحش الكلام على كافله، ويمدّ قبضته ليهدد سيده، ويغرف من قاموس الرداءة والبذاءة أقبح الشتائم ليعيّره بها !
إنما أتحدث عن نماذج رديئة، ترتع في زريبة الإعلام، كان قد خلّفها الهالك، وشملتها الثورة برحمتها، وتسامحها، وعفوها وغفرانها، وتجاوزت عن جرائمها، وغضت الطرف عن سيئاتها، ولكن أبَى طبعها الخبيث إلا أن تبارز الثورة ورموزها، وتسيء إليها وتهددها.. وما -رضا الملّولي- إلا نسخة من عشرات نسخها، التي يُبدونها، ويخفون كثيرا منها.
فاخْسَأْ.. فما أنتَ إلا بعض نُخَالَةِ عهْدٍ، قد يئس منه الناس، كما يئس الكفار من أصحاب القبور !!