لقَدْ حِيلَ بَيْنَ الجَلاّدِينَ، وبَيْنَ مَا يَشْتَهُون.. !!
عبد القادر عبار
انجاز الثورة الرائع بامتياز حقا، الذي تبنّته هيئة الحقيقة والكرامة، والمتمثل في نشر الأوجاع والعذابات، وكشف فضائع الانتهاكات وغرائب الممارسات التي وقّعها زبانية المخلوع لا ردّه الله، بكل الأدوات الموجعة وبكل الأساليب القذرة، على أجساد ونفسيات خيرة شباب وشابات وعائلات هذا الوطن، والتي استمع إليها العالم على المباشر، ففاضت من بشاعتها العيون من الدمع، ورقت لقساوتها القلوب، واقشعرت من فضاعتها الجلود.
هذا الإنجاز الذي ظن الجلاّدون أنه لن يقع، ولن يكون، وأن ما حصل في الزنزانات المغلقة، والمراكز المحصّنة، والسجون المحروسة، من تعذيب، وتشويه، وقتل وتقتيل واغتصاب و.. و.. أنه سيدفن هناك إلى الأبد، ويُنسى ويموت مع أصحابه، ولن يسمع به أحد، وبالتالي لن يتّهمهم أحد، ولن يفضحهم أحد.
إلا أن الله سبحانه، وهو الذي لا يغفل عن الظالمين، أبَى، إلا أن يقيّض له من أهل الغيرة على الحق ونصرة المظلوم، من ينجزه ويخرجه للعالم إخراجًا يزيد من نقمة الساخطين والناقمين على الظالم وأعوانه.. وبهذا حِيلَ بيْن الجَلاّدين، وبيْن ما يشتهون من الهروب والإفلات من العدالة، وأظهر الله لهم ما يكرهون من نقمة الأحرار وسخط الناس،.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون في الدنيا والآخرة.