وَطنُ العَنَاكِبِ .. وبَيْتُ العَنْكَبوت !!
هل يمكن أن يُشْبِهَ وطنٌ، بيْتَ العنكبوت ؟
أسرة العنكبوت، هي أسرة دَوَاعِش، من حيث أنها تقوم على إلغاء الرحمة والتراحم، حيث لا مودة بين الذكر والأنثى، ولا شفقة للامّ على أبنائها، ولا برّ للأبناء نحو أبيهم، ولا رحمة بين الشقيق وشقيقه، الكلُّ كافر بالشفقة، يقتل ليفترس، والآخر هو مشروع قتل ولُمْجَة في نظر صاحبه.
فالعلاقات مدمّرة وكارثيّة، تقوم على المصلحة والمنفعة الشخصية، وهو ما عبّر عنه الله سبحانه بقوله ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ فالوهَنُ ليس وهَنًا ماديًّا، يخصّ الشبكة المنسوجة، والخيوط المُطرّزة، والتي من مهامها أن تكون اِرْصادًا، وفخًّا للمارّين، والحائمين حولها، وإنما الوهَنُ المقصود هو مَعنَويّ، يخصّ العلاقات الأسرية في حريم العنكبوت.
ذلك أن بيت العنكبوت محروم من معاني المودة والرحمة، التي تُبنَى عليها البيوت عادة، وهو أكثرها شراسةً ووحشيّة، وانعدامًا لأواصر القربى، فالعلاقة الأسرية بين العناكب علاقة تحكمها المصلحة، حتى إذا تحققت المصلحة، انقلب العناكِبُ أعداء يقتل بعضهم بعضاً، فالعنكبوت الزوجة تقضي وطرها من الذكر، ثم تعمل على قتله وافتراس جسده لأنها أكبر حجما وأكثر شراسة منه، وقد تلتهم الأم صغارها دون أدني رحمة.
فكيف إذا كان الوطن بيتًا للعناكب ؟، من نَسْل ما ذكرنا، وبصفات ما بيّنا، وعلى أخلاق ما تقدّم بسطه وشرحه ؟؟ وَطنٌ من بيوت العنكبوت، يعيش تحت خطّ الفقر من حيث موارد التراحم والمحبّة والمودّة والتكافل، والأمن النفسي والاجتماعي، وشبكة العلاقات فيه تحكمها المصالح القذرة والضيقة، وعَنكَبُوتُهُ، وعَناكِبُهُ،ليس لهم مشاريع إلا استئصال الضعيف فيهم وافتراسه. إنّ وطن العنكبوت لا خير فيه، لانعدام الأمْن والسِّلْم فيه، ولكُفْرِ المستوطنين فيه بأخلاق البِرّ والتراحم والتوادّ .. !!