الرقص على إيقاع الأوجاع
لا شيء في هذه الأرض يدفعك إلى الشعور بأنك تنتمي إلى هذه البلاد.. لا شيء وأنت ترصد معالم لوحة متناقضة هي مزيج غريب من أوجاع ما تسمع من أخبار عائلة في جهة سبيبة وفرجة احتفالية في كل القنوات التلفزية العمومية والخاصة.
لا شيء يؤلف بين عناصر اللوحة التونسية المتكونة من لوعة وفرجة.
كنا ليلة البارحة نتصيد أخبار العملية الإرهابية ونسأل عن أحبة لنا في منطقة ريفية نائية فجعت في أحد شبابها وكنا نحاول الاتصال بمن نعرف من أصدقاء فنطمئن.
في تلك الأوقات المجنونة الممزوجة بمشاعر الصدمة والرعب كانت قنواتنا التلفزية العمومية والخاصة تمتع مشاهديها بسهرات المزود وأيام قرطاج السينمائية.
المشهد واقعي ولكنه سيريالي غرائبي ومدهش حد الصدمة… المشهد توليفة متناقضة من جغرافيا تونس.. جغرافيا الأنغام والحفلات وجغرافيا الأحزان والموت.
في هذه الأرض.. الأرض المنسية.. أرض الفجيعة المباغتة ولدنا لنقتل.. وللقتل في أرضنا ألوان.. الموت في طرق مظلمة لتهريب بضاعة قد تكفي بعضا من رزق.. الموت في ليبيا بحثا عن رزق هارب.. الموت سقوطا من على مبنى قيد التشييد في مدن العاصمة والساحل… الموت في الطرق الغريبة ذهابا إلى مستشفى جامعي رفضت الروح أن تبلغه.. الموت قتلا في الجبال حراسة لوطن تناديه فلا يجيبك… الموت كمدا وقهرا.. للموت في بلدي أسماء ولغات وعليك أن تختار أبواب الرحيل.
رحم الله الشهيد سعيد الغزلاني.