تدوينات تونسية

لم نقلها عندما كان وزيرا

سامي براهم
منذ أشهر نُسِب إلى وزير الشّؤون الدينيّة المُقال اليوم بسبب تصريحه بخصوص علاقة المذهب الحنبلي والحركة الوهابية السعوديّة بالإرهاب “تهمة التشيّع” و ذلك لاستقباله وفدًا من المركز الثّقافي الإيراني برحاب الجامعة الزيتونيّة عندما كان رئيسا لها في إطار ما دأب عليه ذلك المركز من مدّ جسور مع مختلف الجامعات والمؤسسات الثقافيّة والنّخب التونسيّة “بقطع النّظر عن الخلفيات والغايات والأهداف الخفيّة”.
“تهمة التشيّع” تُستَعاد اليوم بسبب تصريح الوزير الأخير، وهي تهمة لا معنى لها والحال أنّه غير خاف على الجامعيين أنّ الدكتور عبد الجليل بن سالم سنيّ زيتونيّ فكرا وروحا وهو من الزيتونيين المنفتحين على الفلسفة والعقلانيّة الحديثة ومن أنصار حركة الإصلاح التونسيّة اشتغل على الغزالي في أطروحته الأكاديميّة وانتصر لابن رشد وقرأ بحسّ نقدي إيجابي ابن تيميّة.
لا أعتبر التشيّع المعتدل تهمة في حدّ ذاته أو جريمة فهو من المذاهب المُتَعَبّد بها ولكن أن يُنسَب جامعيّ صاحب فكر ورؤية وكتابات وبحوث ومحاضرات إلى التشيّع في هذا السياق السياسي المتعفّن والمتسم بالفتن والإرهاب والاصطفافات فذلك ضرب من ضروب التشنيع والتّشهير بغير وجه حقّ.
لم أكتب عن ذلك عندما كان الدّكتور عبد الجليل بن سالم وزيرا وأسررته في نفسي حتّى لا أُتَّهم بالتزلّف، ولكنّها شهادة لا بدّ منها بعد أن خرج من الوزارة ليعود إلى رحاب الجامعة أستاذا ومؤطّرا يسعه ما لا يسع السياسيّ من حريّة التفكير والتعبير.
ما أوسع الفكرة، ما أضيق الدّولة.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock