بلاغ “علي الشاوش” والنضال المزعوم لخالد عباس
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء
نشر بعض القضاة بلاغا كان صدر عن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين بتاريخ 19 جويلية 2001 بامضاء خالد عباس وقد تعلق بالرد على تهجم السلطة حينذاك على المرحوم المناضل مختار اليحياوي (وذلك على لسان علي الشاوش الامين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي) وهي محاولة من قبل البعض لتبييض الشخص والتشكيك في حقيقة ممارساته التي لم تكن تخفى على احد.
ولا اعتقد ان من نشر هذا البيان له اطلاع باي وجه على توقيته او سياق صدوره او موقف خالد عباس من شخص المرحوم مختار اليحياوي او قضية عزله. وعلى كل حال يمكن لعدد من القضاة الذين عاصروا ظروف احالة مختار اليحياوي على مجلس التاديب ان يشهدوا كيف كان مقر جمعية القضاة يغص بالزملاء في صباح يوم الخميس 19 جويلية 2001 (واذكر من بينهم كلثوم كنو ومصطفى اليحياوي وهو من اقرباء مختار…) وهم في وضع من الغليان بعد التصريحات التلفزية التي ادلى بها علي الشاوش في الليلة السابقة وربما يشهد البعض ان البلاغ باكمله الذي تبناه المكتب التنفيذي دون تعديل تم اقتراحه وتحريره من قبلي بصفتي نائب رئيس الجمعية (وقد اعثر في اوراقي على مسودته) ولم يكن خالد عباس ولا احد من اعضاء المكتب التنفيذي يملك معارضة مضمون ذلك البلاغ الذي صودق عليه دون نقاش.
وللتاريخ -الذي لم يكتب- اشير الى ان خالد عباس -وكان ذلك قبل تكليفه بالانقلاب على جمعية القضاة التونسيين- قد تولى نقل جميع الوقائع التي حفت بصياغة البلاغ الى وزير العدل البشير التكاري ومحمد اللجمي وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية (وهو من القضاة الكبار حسب العبارة المتداولة الذي كان له نفود اداري كبير على كافة القضاة).
وقد اكد لي احد اعضاء المكتب التنفيذي حينذاك (ع.ب.ا) ان خالد عباس قد ابلغ “الادارة” ان احمد الرحموني هو الذي كتب البلاغ وحرض على اصداره. وقد تيقنت من ذلك لما ابلغني خالد عباس نفسه ان وزير العدل يطلب الاجتماع بالمكتب التنفيذي وان اكون انا من بين الحاضرين. وقبل الاجتماع -وفي انتظار لقاء الوزير- طلب مني محمد اللجمي التحول الى مكتبه دون بقية اعضاء المكتب وقام -بما نعرفه عنه من صلف وعنجهية- بالتهجم على مختار اليحياوي ومحاولة تهديدي وثبت لي من حديثه انه على علم بتفاصيل كثيرة تتعلق باجتماعات المكتب التنفيذي.
وعن لقاء الوزير -بحضور وكيل الدولة العام- اتضح ان موضوع الحديث كان متعلقا بالبلاغ الذي صدر وبموقف السلطة من ذلك والذي اذكره ان البشير التكاري قد تمسك بان البلاغ “مسيس” “وسط صمت كامل لخالد عباس وقد حاولت (والله على ما أقول شهيد) دفع ذلك الاتهام مبينا حق جمعية القضاة في التعبير والدفاع عن منخرطيها (وكان المرحوم اليحياوي قد تسلم مني شخصيا بطاقة اتخراطه في الجمعية).
واذكر من جملة الوقائع الكثيرة ان خالد عباس قد غاب بعد ذلك من نشاط الجمعية وقد صادف ان توفيت والدته في الاثناء. لكن الثابت انه لم يستأنف حضوره -حتى بعد اتمام مراسم العزاء- خشية اتخاذ اي موقف جديد في قضية مختار اليحياوي واكبر دليل على ذلك هو عدم صدور اي تصريح صحفي من قبله حول حيثيات القضية او اصدار اي موقف من اجراءات التاديب.
ومن جانبي -ويمكن اثبات ذلك يقينا- قمت باجراء حديث صحفي لمجلة حقائق تعرضت فيه لبعض جوانب القضية وتوليت الاتصال بالهيئة الوطنية للمحامين واجتمعت مع العميد البشير الصيد وقمت بالتنسيق معه بشان الدفاع عن مختار اليحياوي ولم يجتمع معنا مختار الذي حضر بمقر الهيئة. واضافة لذلك تحولت قبل انعقاد مجلس التاديب الى مقر محكمة التعقيب للاجتماع بطلب مني مع مبروك بنموسى بصفته الرئيس الاول لمحكمة التعقيب ورئيس مجلس التاديب -وكان ذلك بحضور المرحوم الطاهر المنتصر الوكيل العام لدى محكمة التعقيب وهو من اقرباء مختار- وقد طلبت باسم الجمعية تمكيني من حضور اجتماع مجلس التاديب لكن مبروك بنموسى رفض ذلك بدعوى مخالفته للقانون.
كما حاولت -في غياب رئيس الجمعية خالد عباس- الدعوة لاجتماع المكتب التنفيذي لاتخاذ موقف من عزل المرحوم مختار اليحياوي (واذكر من بين الاعضاء الغاضيين حاتم الدشراوي وحسين بلحاج مسعود) لكن النصاب المستوجب لاصدار بلاغ في شان ذلك لم يكتمل. وقد كان من نتائج تلك المحاولة اجتماع “شبه بوليسي” بمكتب محمد اللجمي (وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية) بمقر وزارة العدل الذي هددني بسبب عقدي اجتماعات غير قانونية بمقر الجمعية (هكذا) واضافة لذلك اتصل بي خالد عباس هاتفيا ليعيد على مسامعي نفس الكلام تقريبا.