من تل الزعتر إلى حماة حتى حلب
خليل كلاعي
أخمد الأسد الأب سنة 1982 ثورة شعبية كان مركزها مدينة حماة وقتلت دباباته التي اقتحمت المدينة زهاء 25 ألف سوري كما سحق قبلها في سنة 1967 زهاء 30 ألف بين فلسطينيين ولبنانيين فيما أصبح يعرف تاريخيا بمجزرة تل الزعتر وخرج من الجريمتين “أسدا” في عيون وأدبيات طيف واسع من النخب العربية ومقاوما وممانعا شرسا في شعارات القومجيين منهم.
لم تتسائل هذه النخب عن مصداقية مشروع وشعارات المقاومة والحال أن الأسد لم يحقق ايا من شروطها بل ذهب بنظامه إلى مستويات قياسية من الاستبداد والظلم والفساد كما لم تأخذ من نظامه اي مسافة نقدية بل كانت له بوقا دعائيا استمر زمن ابنه بشار.
تريد لنا هذه النخب أن لا نتحدث عن حماة ولا عن تل الزعتر وللأمانة فإن كثيرين منا لم يسمعوا مطلقا عن المجزرتين كما لم يسمعوا عن اقبية المخابرات السورية ولا عن فرع فلسطين ولا عن غرفة “الأهلا و سهلا”.
مع ذلك فإن أنباء مجازر آل الأسد وفضاعاتهم تسربت لنا من بين ركام التاريخ لتنبئنا بما حدث وما كان…
الأسد الأبن يمني نفسه بمآل للأمور مشابه لما آلت إليه زمن أبيه… مجازر في صمت دون جلبة ودون اهتمام العالم ودون أن تلطخ سمعة نظامه ودون ان تلحق صورة المقاوم الممانع التي خص بها نفسها دون غيره أي تشكيك أو ارتياب وهناك كالعادة من هو جاهز للعب هذا الدور ومن هو مستعد أتم الاستعداد ليحمي ظهر النظام… من “العملاء” كتبة… مثقفون… صحفيون… سياسيون… فنانون كلهم أكلوا من شعارات المقاومة وتمعشوا منها وشبعوا… وشبع معهم السوريون تقتيلا وامتهانا وتشريدا… وضحك الصهاينة ملئ أفواههم من قابلية من يحتكرون الوعي منا للتطويع والتدجين والشراء.
مازال النظام يمني نفسه بصمت النخب وبخنوع الأحرار ومازالت أصواتنا تختلط بأصوات القنابل والطائرات والرصاص ومازالت خياشيمنا تزكمها رائحة البارود والفوسفور والجثث ومازلنا أسوة بالسوريين الأحرار ننادي… “سورية بدها حريية”.