تدوينات تونسية

هيبة الدولة بين الدقلة والفسفاط !!

وليد القايدي

عدد من الأصدقاء يتحفظون او حتى يرفضون ما يحصل في جمنة ويرون ان لو فسحنا المجال لجمنة لتوسع الموضوع ولطالب أهالي الحوض المنجمي باستغلال الفسفاط بانفسهم ولحسابهم!! وأعتقد ان مقارنة واحة جمنة بمناجم الفسفاط لا تستقيم للاختلاف الجذري بينهما..

واحة جمنة على ملك الدولة نعم وهذا لا ينكره الجمنيون انفسهم.. لكن الواحة لم تكن تستغلها الدولة مباشرة.. بل كانت تؤجرها للخواص.. والجمنيون قاموا باستغلالها وحمايتها وقت الفوضى وغياب الدولة بداية الثورة وطيلة الخمس سنوات الماضية.. فما المانع ان تتحاور معهم الدولة وتعتبرهم من الخواص الذين يمكن ان تؤجر لهم الواحة؟؟!!.. أم ان هناك اشخاص بعينهم من ذوي الدم الاحمر هم من يحتكر هذا الامتياز؟؟!!..

ثم ان ارض الواحة فيها مشكل ملكية من الاساس من وقت الاستعمار ووقت الاستبداد البورقيبي.. فعلى الدولة الديموقراطية الجديدة ان تستعمل نفس اساليب المرحلة الانتقالية وهي تقوم بتصفية تركة الاستبداد والاستعمار.. الاساليب والاليات الانتقالية الجديدة والمعتمدة بعد الثورة والتي تتأسس على التشاور والتشارك والحوار والتوافق..

لماذا الدولة صنعت قانون مصالحة على القياس للمفسدين القدامى للخروج من المأزق وتعتمد بالمقابل اسلوب التعنت والتصعيد مع اهالي جمنة وهم مصلحون مسالمون متعاونون مع الدولة ومادون لها ايديهم لايجاد حل يقر بدور الدولة ويحفظ حقوق المواطنين ومصالحهم؟؟!!..
وما دمنا نقارن بالفسفاط: الفسفاط كله للدولة: الارض والشركة والتكرير والتسويق.. مع ذلك تتعامل الدولة مع قطاع طرق الفسفاط ومعطلو العمل في المناجم الذين تسببوا في خسارة تونس آلاف المليارات طيلة السنوات الخمس الأخيرة هؤلاء تعاملهم بالهدوء والمحاورة ووسع البال!!.. لماذا لم تتعامل الدولة مع اهل جمنة بنفس الطريقة؟؟!!..
هناك بعض المعطيات التي تفسر ما حدث هذه الايام في جمنة من تصعيد مفاجئ من طرف الحكومة بعد هدوء في نفس الوضعية الحالية دام لمدة خمس سنوات!!
العامل الجديد الوحيد هو كاتب الدولة لاملاك الدولة مبروك كورشيد.. الذي بادر بتقديم قضية ضد جمعية جمنة منذ الايام الاولى لتوليه المنصب لاسباب حزبية ضد غريمه في حزب الشعب لما كان الوزير عضوا فيه.. هذا الغريم هو زهير المغزاوي البرلماني من قبلي والقريب من جمعية جمنة!!.
يعني وزراء يدخلون الدولة في متاهات ومناكفات غير مدروسة!! والمطلوب من الجميع بعد ذلك مساندة الدولة ظالمة او مظلومة!!..
واضح ان سياسة هذا الوزير مخالفة للمنهج العام للدولة في هذه المرحلة الانتقالية..
المطلوب ان تتدخل الدولة في جمنة وتسترجع مكانتها في كل اماكن الفراغ لكن باسلوب الحوار مع المواطنين ومن يمثلهم.. ولم لا اصدار قانون انتقالي مثل قانون المصالحة الاقتصادية لحل هذا المشكل والمشاكل المشابهة ان وجدت؟؟!!..

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock