تدوينات تونسية

والربيع اذا تمغرب.. ما ضر لو ؟؟؟

“لو وقع كذا لحصل كذا”: تلك عبارة لا معنى لها في “تفسير التاريخ” فقد علمنا فلاسفة الحتمية وعلماؤها ان للتاريخ نواميسه التي لا ترد… كل ما وقع عقلي واذا قرر العقل المطلق وقع.. هكذا علمنا “جدنا هيغل” فاذا قلبنا جدله ليمشي على رجلين بقرار “عمنا ماركس” أصبح للحتمية منزل اخر في اعماق التناقض الاجتماعي المادي الذي يقرر لنا مصير بُنانا الفوقية ومراحل تاريخنا… قلب وجهك حيث شئت ولو “تخلدنت” فسيحدثك “حبينا عبد الرحمان” أن للعمران نواميسُه وسننُه.

لكن هذه الجبرية الناضحة من ظاهر النص لا تمنع عنا تأويلا للمتون لنجد لارادة الفرد والشعوب مكانها في خرق الحتمية.. الم يقل “بلقاسم” ان القدر نفسه يستجيب فما بالك بالحتمية.

أغراني بهذا التأمل متابعتي لهدوء الانتقال الحي في المغرب الشقيق ونحن نتوجع من آلام ربيع تحولات صاخبة في تونس “النموذجية” وليبيا وسوريا واليمن حيث يختلط الدم بأحلام الانتقال المرقوب.

ليست المغرب نموذجا مثاليا للديمقراطية الكاملة ولكنها لم تكن في ثمانينات وتسعينات قرن مضى أقل سوادا استبداديا منا.

مازالت مرارة سنوات الرصاص كما يسميها اشقاؤنا المغاربة في الحلوق ومازالت أوجاع سجن “تازمامرت” الرهيب ماثلة في العقول ومازالت أسماء “ادربس البصري” و”الجنرال اوفقير” تثير ذكريات موجعة. ومازالت أحداث “الريف” و”القنيطرة” و”الصخيرات” و”العيون” نُدوبا في ضمير المغاربة.

لكن قرار ملك فرد وطبقة سياسية وفكرية قررت في لحظة معلومة من زمان معلوم تغيير حتمية عمياء كان يمكن لو تم الارتهان اليها ان تذهب بالمغرب الى مصير الدم المهلك للحرث والنسل فيهلك الجميع حاكما ومحكومين.

التقت الضحية بالجلاد في منتصف الطريق بتوافق على الأدنى فكانت حقيقة وانصاف دون اكراهات خارجية الا الاذعان الى اكراهات التاريخ حين تقرر الارادة التحكم فيه بفهم قوانينه.

عاد “السرفاطي” وخرج المساجين واعترف الجلادون وذهب “البصري” الرهيب الى محكمة التاريخ وأُنصف المظلومون ودخلت الاحزاب الى “دار الوسط” وحافظ الملك على سلطة أقل اطلاقية قد تتحدد اكثر فالتاريخ لا ينتهي.

قد يكون لطبيعة التاريخ المغربي الخاص وأحكامه في مسائل الهوية وطبيعة النظام الملكي وعلاقة مخزن “سيدنا” بالمؤسسة الدينية والجامعية تأثير يمنح التجربة المغربية خصوصيتها وعبد الله العروي والجابري وبلقزيز وضحوا لنا الصورة فكريا دون شك حتى لا تغرينا كثيرا مغامرة “لو” اللعينة.

ولا شك اننا لا نتحدث عن تجربة نموذجية بلا عيوب ولكننا نُصر على القول ما ضر لو استجاب الهارب المخلوع يوما الى ما بُحت اصواتُنا وجف مدادُنا في المطالبة به اذ لم تكن المعارضة التونسية بجميع اطيافها الا جزء مما سماه الكاتب المغربي علي اومليل بالاصلاحية العربية ولكن عنادا انتج انتفاضا واغرانا بثورية لا ندري مصيرنا معها ونحن نعاني بقاياه التي هي دون “مرونة المخزن” ويرهقنا “اكاديميوه” ممن لم يتعلموا شيئا من ابداعية الحبابي والعروي والجابري ويفوت واومليل وبلقزيز وبنسعيد وبنعبد العالي الخ.. والله يا مولانا حالي ما يخفاك يا الواحد ربي…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock