عِقَابًا لنا ؟ .. أَمْ ثَوَابًا لهُم ْ؟
- لماذا حصَل ذلك، كذلك ؟ وجرت الرياحُ بما لا تشتهي السُّفُن ؟؟
تساؤلٌ مُرٌّ، ومُرهقٌ، يتبادر إلى خاطر كثير من الناس، الذين أقلقهم أن يرَوْا بأمّ أعينهم، ما آلت إليه الأوضاع، ومقاليد الأمور في هذا الوطن، بعد 5 سنوات من مسيرة ثورة، زعموا أنها أمّ الثورات، وسيّدة الزهور في الربيع العربي، حيث يرون بعضَ من كانوا محسوبين على عهدَيْ الاستبداد والظلم، وممّن ساهموا في الكثير ممّا أرهقَ هذا الوطن، وأشقَى أهله، وأنهك موارده، وسَفَّهَ سمعته الدولية يرونهم اليوم، يقطفون جهد الثوّار، ويتفرّدون بغنائم الثورة، ويتصدّرون المشهد السياسي والإعلامي، ويتحرّكون فوق الرّكْح، بنخوة وحريّة لم ينعموا بها من قبل في عهد “عزيزهم”… ومعلومٌ أن الثورة ما قامت إلا من أجل إخلاء المشهد السياسي من أمثالهم، نظرًا لسوء سيرتهم ولارتباطهم بالماضي المُرّ والمُنغّص.
هذا السؤال المحيّر، قد نتلمّس بعض جوابه في قصّة طريفة، يرويها “الأصمعي” في مشاهداته وجولاته بين تضاريس بادية العرب، حيث قال:
“رأيت بدويّة شابة من أحسن الناس وجْهًا، وأملح النساء حديثا ولها زوجٌ كهل، قبيحٌ، ما رأيت مثله دمَامَةً، فهُمَا على النّقيض تمامًا، في الخَلْق والخُلُق، والسيرة، فقلت لها :
“يا هذه، كيف ترضين أن تكوني زوجَةً لهذا ؟ وأنت بهذا الحُسن والجمال والسَّمْت الحسن، والفُتوّة، وهو على ما أرى، وتريْنَ، من البذاءة، والقبْح، وسوء الهيئة ؟”
فقالت : “يا هذا، لعلّه أحْسَنَ فيما بينه وبين ربّه، فجعلني ثوابَهُ في الدنيا، ولعلّي أسأتُ فيما بيني وبين ربّي، فجعله عقابي في الدنيا… أفلا أرضى بما هو رِضًا لِله.؟”.
- فهل نكون قد أسَأْنا من حيث لا ندري، و هم قد أحسنوا، من حيث لا نعلم ؟ فكانت الثورة ثوابًا لهم.. وكانت عودتهم، ورجوعهم، وانتصابهم، عقابًا لنا ؟ من يدري ؟