هل الحامّة منفى ؟

نور الدين الغيلوفي

تابعت حوار وزير الفلاحة الأسبق المهندس محمد بن سالم مع الإعلامي الحسين بن عمر على قناة الزيتونة.
تكلّم الرجل بكلام يصلح شهادة على أنّ هذه الدولة قد أسلمت نفسها لغرائز التشفّي والانتقام ولم يعد لها من عقل يمكن أن يردّها إلى الصواب.

سأعتبر أنّ محمد بن سالم مجرم خطير تخشى الدولة على نفسها منه، ألا يبقى إنسانا له بعض الحقوق الإنسانية الدنيا مثل الحق في المعالجة وأن يقيم في بيته بين أهله ؟
لماذا ينكّلون به كلّ ذلك التنكيل؟
ما هو الهدف الذي يحقّقونه بمنعه من العلاج؟
ألّا يعدّ ما يفعلونه به حكما عليه بالإعدام بلا محاكمة؟
وهب أنّه مات قبل العلاج، فهل تكون الدولة قد حقّقت غايتها ورفعت منسوب سيادتها بعد أن تخلّصت من خطره؟
البلد الذي تعلّمنا فيه أنّ امرأة دخلت النار في هرّة حبستها، كيف يسمح لنفسه بأن يمنع تونسيّا بريئا حتّى من الرجوع إلى بيته؟
كيف يُمنَع مواطن داخل وطنه من الذهاب إلى بيته ليكون مع أهله أو يتداوى على حسابه؟
أي قانون هذا؟
ألا يوقعنا ذلك الشرّ الذي يُفعل بالرجل، جميعا، فيه؟

سنقول إنّها دولة،
وسنقول إنّ من حقّ الدولة أن تطبّق القانون لتدبير أمر الاجتماع. فهل لما يفعلونه بمحمد بن سالم علاقة بقانون أرض أو سماء؟
الأمر يذكّرني بمشاهد قرأنا عنها أو شاهدناها في أفلام تتحدّث عمّا كانت تفعله أنظمة شموليّة متوحّشة في الحرب العالميّة الثانية جعلت للناس محتشدات لم تكن أكثر من مراكز للانتقام من الإنسان.

وضعية محمّد بن سالم الذي نُفي داخل وطنه ومُنع من العودة إلى بيته لا أظنّ نظيرا لها في الأرض إلّا ما يحدث للفلسطينيين المبعَدين.
ولكنّ ذلك فعل محتلّ !!!
أخشى ما أخشاه أن يقرأ أحفادنا في التاريخ يوما عن مواطن تونسيّ اسمه محمد بن سالم من زغوان كان وزيرا للفلاحة بعد ثورة انتهى به المطاف إلى الموت في منفاه.. الحامّة.. حامّة قابس في جنوب تونس.
فهل باتت الحامّة منفى ؟