جمال سلطان
رغم غضب العالم من شرقه لغربه مما يفعله نتانياهو وجيشه في غزة طوال عامين من الوحشية، ورغم مجلس الأمن والأمم المتحدة، والإعلام، والشوارع الغاضبة في عواصم الدنيا، وهياج مواقع التواصل الاجتماعي، وكلها أدوات ضاغطة ومهمة بلا شك، إلا أن القرار الحاسم بوقف المذبحة وإجبار المعتدي على وقف عدوانه، كان يمتلكه سياسي واحد في الكوكب، هو الرئيس الأمريكي، وللأمانة هذا ما كان يكرره دائما الرئيس التركي أردوغان، لذلك ركز اتصالاته ومقابلاته ومفاوضاته بكثافة سرا وعلانية مع ترامب، بشخصه ومن خلال وزير خارجيته ومن خلال جهاز استخباراته، قرأوا شخصيته جيدا، وتعاملوا معها بذكاء شديد، ولم يضيع أردوغان وقته في الاستعانة بأي عاصمة أوربية أخرى مهما عظمت، ولا الصين ولا روسيا، كان يدرك ـ وفق موازين القوة والنفوذ في عالم اليوم ـ أن قرار إيقاف نتانياهو عن غشمه هو عند الرئيس الأمريكي وحده.

بعض حقائق الواقع تكون موجعة ومؤلمة، لكن السياسي العملي والأمين على مصالح شعبه وأمته وحفظ دمائهما، لا يلجأ للجعجعة ودغدغة عواطف العوام، وإنما يعمل بجدية، سرا وعلانية، وفق حسابات الواقع الفعلي وموازينه، ومفاتيح التأثير والحسم، وقد نجح أخيرا، ولذلك حرص ترامب ـ أكثر من مرة ـ على ذكر أردوغان بشكل استثنائي في كل حديث له عمن ساعدوا في التوصل إلى اتفاق بشأن غزة، وتكرار وصف دوره بالمذهل والرائع، رغم شكره لمصر وقطر أيضا.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.